بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلّٖ ضِعۡفٞ وَلَٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ} (38)

ثم قال : { قَالَ ادخلوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم } أي : قالت لهم خزنة النار : ادخلوا النار مع أمم قد مضت على مذهبكم { مّن الجن والإنس فِي النار كُلَّمَا دَخَلَتْ } يعني : النار { أُمَّةٍ } جماعة { لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } أي : على الأمة التي دخلت قبلها في النار . قال مقاتل : يعني لعنوا أهل ملتهم يلعن المشركون المشركين والنصارى النصارى .

وقال الكلبي : تدعو على الأمم التي قبلهم في النار يبدأ بالأمم الأولى فالأولى ، ويبدأ أولاً بقابيل وولده . ويقال : يبدأ بالأكابر فالأكابر مثل فرعون كما قال في آية أخرى { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً } [ مريم : 69 ] .

{ حَتَّى إِذَا اداركوا فِيهَا جَمِيعًا } يعني : اجتمعوا في النار وأصله تداركوا فيها يعني : اجتمع القادة والأتباع في النار وقرأ بعضهم { حَتَّى إذَا أَدْرَكُوا فيها } أي دخلوا في إدراكها ، كما يقال أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء وهي قراءة شاذة { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهم } أي : قال أواخر الأمم لأولّهم . ويقال : قالت الأتباع للقادة والرؤساء { رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا } عن الهدى { فآتهم عذابا ضعفا من النار } أي : أعظم زيادة من العذاب { قَالَ } الله تعالى : { لِكُلّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ } أي : على القادة زيادة من العذاب ولكن لا تعلمون ما عليهم . قرأ عاصم في رواية أبي بكر { ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ } بالياء أي : لا يعلم فريق منهم عذاب فريق آخر .