السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلّٖ ضِعۡفٞ وَلَٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ} (38)

{ قال } الله تعالى لهم يوم القيامة أو أحد من الملائكة { ادخلوا في أمم } أي : في جملة جماعات وفرق أمّ بعضها بعضاً { قد خلت } أي : مضت وسلفت { من قبلكم من الجنّ والإنس } أي : كفار الأمم الماضية من الفريقين ، وقوله تعالى : { في النار } متعلق بادخلوا { كلما دخلت أمّة } أي : جماعة النار { لعنت أختها } أي : التي ضلت بالاقتداء بها { حتى إذا ادّاركوا } أي : تلاحقوا واستقرّوا { فيها } أي : النار { جميعاً قالت أخراهم } أي : منزلة أو دخولاً وهم الأتباع { لأولاهم } أي : لأجلهم وهم المتبعون إذ الخطاب مع الله تعالى لا معهم { ربنا هؤلاء } أي : الأوّلون { أضلونا } أي : لأنهم أوّل من سنّ الضلال . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بإبدال الهمزة الثانية ياء في الوصل ، والباقون بالتحقيق { فآتهم } أي : أذقهم بسبب ذلك { عذاباً ضعفاً } أي : يكون بقدر عذاب غيرهم مرّتين لأنهم ضلوا وأضلوا ومن سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ومنه لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أوّل من سنّ القتل ، ثم أكدوا شدّة العذاب بقولهم : { من النار قال } الله تعالى : { لكل } أي : منكم ومنهم { ضعف } أي : عذاب مضعف أمّا القادة فبكفرهم وتضليلهم وأما الأتباع فبكفرهم وتقليدهم لهم { ولكن لا تعلمون } أي : ما أعدّ الله تعالى لكل فريق من العذاب . وقرأ شعبة : يعلمون بالياء على الغيبة ، والباقون بالتاء على الخطاب .