التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةٞ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعٗا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابٗا ضِعۡفٗا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلّٖ ضِعۡفٞ وَلَٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ} (38)

قوله تعالى : ( قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها )

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) يقول : كلما دخل أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك الدين ، يلعن المشركون المشركين ، واليهود اليهود ، والنصارى النصارى ، والصائبون الصائبين ، والمجوس المجوس ، تلعن الآخرة الأولى .

قوله تعالى ( حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار ) . لم يبين هنا السبب الذي مكنهم من إضلالهم ، ولكنه بين في موضع آخر : أن السبب الذي مكنهم من ذلك هو كونهم سادتهم وكبراءهم ، ومعلوم أن الأتباع يطيعون السادة الكبراء فيما يأمرونهم به ، وهو قوله تعالى ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب ) الآية . وبسط ذلك في " سورة سبأ " بقوله ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي : ( قالت أخراهم ) الذين كانوا في آخر الزمان ( لأولاهم ) الذين شرعوا لهم ذلك الدين ( ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار ) .

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( فآتهم عذابا ضعفا من النار ) . بين تعالى في هذه الآية الكريمة وأمثالها من الآيات : أن الأتباع يسألون الله يوم القيامة أن يضاعف العذاب للمتبوعين ، وبين في مواضع أخر : أن مضاعفة العذاب للمتبوعين لا تنفع الأتباع ، ولا تخفف عنهم من العذاب ، كقوله ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) ، وقوله هنا ( قال لكل ضعف ) الآية ، وقوله ( وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ) ، وقوله ( قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله : ( عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ) مضعف .