المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

45- واستعينوا على أداء التكليفات بالصبر وحبس النفس على ما تكره ، ومن ذلك الصوم ، وبالصلاة العظيمة الشأن التي تنقي القلب وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذلك كانت ثقيلة شاقة إلا على الخاضعين المحبين للطاعة ، الذين اطمأنت قلوبهم لذكر الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

40

ومن ثم يوجه القرآن اليهود الذين كان يواجههم أولا ، ويوجه الناس كلهم ضمنا ، إلى الاستعانة بالصبر والاستعانة بالصلاة . . وفي حالة اليهود كان مطلوبا منهم أن يؤثروا الحق الذي يعلمونه على المركز الخاص الذي يتمتعون به في المدينة ، وعلى الثمن القليل - سواء كان ثمن الخدمات الدينية أو هو الدنيا كلها - وأن يدخلوا في موكب الإيمان وهم يدعون الناس إلى الإيمان ! وكان هذا كله يقتضي قوة وشجاعة وتجردا . واستعانة بالصبر والصلاة :

( واستعينوا بالصبر والصلاة . وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )

والغالب أن الضمير في أنها ضمير الشأن ، أي إن هذه الدعوة إلى الاعتراف بالحق في وجه هذه العوامل كبيرة وصعبة وشاقة ، إلا على الخاشعين الخاضعين لله ، الشاعرين بخشيته وتقواه ، الواثقين بلقائه والرجعة إليه عن يقين .

والاستعانة بالصبر تتكرر كثيرا ؛ فهو الزاد الذي لا بد منه لمواجهة كل مشقة ، وأول المشقات مشقة النزول عن القيادة والرياسة والنفع والكسب احتراما للحق وإيثارا له ، واعترافا بالحقيقة وخضوعا لها .

فما الاستعانة بالصلاة ؟

إن الصلاة صلة ولقاء بين العبد والرب . صلة يستمد منها القلب قوة ، وتحس فيها الروح صلة ؛ وتجد فيها النفس زادا أنفس من أعراض الحياة الدنيا . . ولقد كان رسول الله [ ص ] إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وهو الوثيق الصلة بربه الموصول الروح بالوحي والإلهام . . وما يزال هذا الينبوع الدافق في متناول كل مؤمن يريد زادا للطريق ، وريا في الهجير ، ومددا حين ينقطع المدد ، ورصيدا حين ينفد الرصيد . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

{ واستعينوا بالصبر والصلاة } متصل بما قبله ، كأنهم لما أمروا بما يشق عليهم لما فيه من الكلفة وترك الرياسة والإعراض عن المال عولجوا بذلك ، والمعنى استعينوا على حوائجكم بانتظار النجاح والفرج توكلا على الله ، أو بالصوم الذي هو صبر عن المفطرات لما فيه من كسر الشهوة ، وتصفية النفس . والتوسل بالصلاة والالتجاء إليها ، فإنها جامعة لأنواع العبادات النفسانية والبدنية ، من الطهارة وستر العورة وصرف المال فيهما ، والتوجه إلى الكعبة والعكوف للعبادة ، وإظهار الخشوع بالجوارح ، وإخلاص النية بالقلب ، ومجاهدة الشيطان ، ومناجاة الحق ، وقراءة القرآن ، والتكلم بالشهادتين وكف النفس عن الأطيبين حتى تجابوا إلى تحصيل المآرب وجبر المصائب ، روي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة . ويجوز أن يراد بها الدعاء .

{ وإنها } : أي وإن الاستعانة بهما أو الصلاة وتخصيصها برد الضمير إليها ، لعظم شأنها واستجماعها ضروبا من الصبر . أو جملة ما أمروا بها ونهوا عنها .

{ لكبيرة } لثقيلة شاقة كقوله تعالى : { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } .

{ إلا على الخاشعين } أي المخبتين ، والخشوع الإخبات ومنه الخشعة للرملة المتطامنة ، والخضوع اللين والانقياد ، ولذلك يقال الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب .