فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

{ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } بيان لما يستعان به على الوفاء بعهد الله في عمل البر والدعوة إليه فالبر على الطاعة والصبر على المعصية يعنيان حبس النفس على الأولى وكفها عن الثانية والصبر في البأساء والضراء وحين البأس بمعنى كفها عن الهلع والجزع والتولية عند الزخف والصبر على البلاء يعني الرضا بما قسم الله وترقب أن يكشف الله السوء والصلاة التي يطمئن بها القلب تزيد اليقين في قدرة البر الرحيم على تفريج الكرب وما يلقاها إلا أهل الإيمان والطاعة كما شهدت بذلك الآيات المباركات { إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون }{[259]} وإن هذين الحبلين لعزيزان وإذ أمر خاتم الأنبياء عليه الصلوات والتسليم بالصبر علم أنه ما يعين عليه البر الرحيم : { واصبر وما صبرك إلا بالله . . . }{[260]} والتوفيق للعبادة – وعمودها الصلاة – ما يأتي إلا من فيض مولانا جل علاه : { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . . . }{[261]}

وهكذا من يخشع لجلال العزيز الحكيم يهده إلى صراط مستقيم .


[259]:سورة المعارج الآيات من 19 إلى 23.
[260]:سورة النحل من الآية 127.
[261]:سورة الأعراف من الآية 43.