الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

قوله : ( بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ) [ 44 ] .

الصبر الصيام . وأصل الصيام الحبس( {[1866]} ) .

وقيل : معناه اصبروا على ما تكرهه نفوسكم من الطاعة والعمل .

وفي( {[1867]} ) رواية أبي صالح عن ابن عباس : " معناه بالصبر على أداء الفرائض ، وبالصلاة على تمحيص( {[1868]} ) الذنوب " .

وقال مقاتل( {[1869]} ) : " معناه استعينوا بهما على طلب الآخرة " ( {[1870]} ) .

وقال مجاهد وغيره : " الصبر( {[1871]} ) الصوم( {[1872]} ) " .

وقيل : معناه : أصبروا أنفسكم عن المعاصي ، أي أحبسوها .

وذكر الصلاة ها هنا لما فيها من الذكر والخشوع . وكان رسول الله [ صلى الله عليه وسم ]( {[1873]} ) " إذا حَزَبَهُ( {[1874]} ) أَمْرٌ فَزَعَ إلى الصَّلاَةِ( {[1875]} ) " وقال الله( {[1876]} ) : ( إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )( {[1877]} ) فهي مما /يستعان بها على/ ترك المعاصي وفعل الخير/ كله .

وكان ابن عباس إذا أصيب بمصيبة توضأ ، وصلى ركعتين ثم قال : " اللهم قد فعلنا ما أمرتَنا فأنجز لنا ما وعدتَنا " ( {[1878]} ) .

وقال أبو العالية : " معناه واستعينوا بالصبر والصلاة على مرضاة الله ، فإنهما من طاعته " ( {[1879]} ) .

قوله : ( وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ) [ 44 ] .

إنما وُحِّد ، وأتى بضمير الصلاة لأن المعنى قد عرف ، وكانت الصلاة أولى لقربها و( {[1880]} ) " لجمعها الخير " ( {[1881]} ) ، ولأنها أقرب إلى الضمير .

وقيل : المعنى : وإن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم لكبيرة ، فالهاء تعود على إجابته/ لأن الصبر والصلاة مما كان يدعو إليه ويأمر به( {[1882]} ) .

ومعنى " كبيرة " ثقيلة شديدة( {[1883]} ) ، إلا على الخاشعين وإلا على الذين هدى الله .

والخاشع الخائف من الله( {[1884]} ) . وأصله التواضع ، والتذلل ، والاستكانة .

وقيل : الهاء في " إنها " تعود على تولية الكعبة( {[1885]} ) .

وقيل : تعود على الاستعانة ودل عليه " استعينوا " ( {[1886]} ) .

قوله : ( عَلَى العَالَمِينَ ) [ 46 ] .

أي على( {[1887]} ) عالم [ أهل ذلك الزمان( {[1888]} ) ] وذلك أنه فضلهم بالرسل والكتب .


[1866]:- انظر: تفسير الغريب 47، ومفردات الراغب 298، واللسان 2/496.
[1867]:- سقط من ق.
[1868]:- في ع2: محيص. وهو تحريف، والتمحيص هو التنقية والتطهير. انظر: اللسان 3/445.
[1869]:- هو مقاتل بن حيان، أبو بسطام البلخي الخراز، مفسر، حافظ، وثقه ابن معين، روى عنه مجاهد وعروة وسالم، وروى عنه إبراهيم بن أدهم وابن المبارك، توفي قبيل سنة 150هـ. انظر: طبقات ابن خياط 322، وتذكرة الحفاظ 174، والخلاصة 3/53. وطبقات المفسرين 2/329-330.
[1870]:- انظر: المحرر الوجيز 1/204، وتفسير ابن كثير 1/87.
[1871]:- في ع3: الصبر و.
[1872]:- انظر: المحرر الوجيز 1/205، وتفسير القرطبي 1/372.
[1873]:- في ح: عليه السلام.
[1874]:- في ع2، ح، ع3: جدبه.
[1875]:- ذكره ابن كثير في تفسيره 1/87، [أخرجه أبو داود بنحوه برقم 1313 في كتاب الصلاة – باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل]. المدقق.
[1876]:- سقط لفظ الجلالة "الله" من ق.
[1877]:- العنكبوت: 45.
[1878]:- في ع3: وعدنا. وهو خطأ.
[1879]:- انظر: جامع البيان 2/14-15، وتفسير ابن كثير 1/87.
[1880]:- في ع2: أو.
[1881]:- في ق: يجمعها لخير.
[1882]:- انظر: تفسير القرطبي 1/374، وقد رد الطبري هذا التأويل لأنه "لم يجر ذلك بلفظ الإجابة ذكر... وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته". انظر: جامع البيان 2/15.
[1883]:- انظر: هذا المعنى في مفردات الراغب 438، وتفسير القرطبي 1/374. وهو قول الضحاك عند الطبري في جامع البيان 2/15.
[1884]:- وهذا التفسير هو قول أبي العالية وابن زيد، انظر: جامع البيان 2/16.
[1885]:- انظر: مشكل الإعراب 1/92، وتفسير القرطبي 1/374.
[1886]:- المصدر السابق.
[1887]:- سقط من ع2.
[1888]:- في ع3: زمانهم.