التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) . الاستعانة بالصبر على أمور الدنيا والآخرة لا إشكال فيها . وأما نتيجة الاستعانة بالصلاة . فقد أشار لها تعالى في آيات من كتابه ، فذكر أن من نتائج الاستعانة بها : النهي عما لايليق وذلك في قوله ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وأنها تجلب الرزق وذلك في قوله ( وأمر بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة .

قال الإمام أحمد : ثنا إسماعيل بن عمر وخلف بن الوليد قالا ثنا يحيى بن زكريا يعني ابن زائدة عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الدولي قال : قال عبد العزيز أخو حذيفة قال حذيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى .

( المسند5/388 ) ، وأخرجه أبو داود ( السنن رقم1319-الصلاة ، ب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ) ، والطبري في( التفسير رقم850 )من طريق يحيى بن زكريا به . وقد صححه أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري ، وحسنه الألباني( صحيح الجامع الصغير4/215 ) .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا عبد الرزاق بن يزيد ، حدثنا كهمس بن الحسن عن الحجاج بن الفرافصة ، قال أبو عبد الرحمن-هو عبد الله بن يزيد- : وأنا قد رأيته في طريق فسلم علي وأنا صبي ، رفعه إلى ابن عباس ، أو أسنده إلى ابن عباس ، قال : وحدثنا همام بن يحيى أبو عبد الله صاحب البصري ، أسنده إلى ابن عباس ، وحدثني عبد الله بن لهيعة ونافع بن يزيد المصريان عن قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس ، ولا أحفظ حديث بعضهم من بعض ، انه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا غلام ، أو يا غليم ، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بها ؟ فقلت : بلى ، فقال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، قد جف القلم بما هو كائن ، فلو ان الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشئ لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه ، وإن أرادوا أن يضروك بشئ لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه ، واعلم أن الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، وأن النصر مع الصبر ، وان الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا .

( المسند رقم 2804 ) ، وصححه احمد شاكر في تحقيقه للمسند 4/233ح2669 ) ، أخرجه الترمذي ( السنن رقم2516-صفة القيامة ، ب59 ) من طريق عبد الله بن لهيعة والليث بن سعد عن قيس به نحوه مختصرا ثم قال : هذا حديث حسن صحيح . وصححه الشيخ الألباني( صحيح سنن الترمذي2/309رقم2043 ) . وحسنه الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالة بشرح هذا الحديث اسمها " نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما ص 24 ، 23 " . وفي كتابه جامع العلوم والحكم( ص174 ) .

وقال الطبري : حدثنا محمد بن العلاء ، ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه : أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم ، وهو في سفر ، فاسترجع . ثم تنحى عن الطريق ، فأناخ فصلى ركعتين أطال والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح وأبو عيينة هو عبد الرحمن بن جوشن . وأخرجه المروزي( تعظيم قدر الصلاة 1/222رقم201 ) ، والحاكم ( المستدرك2/269-270 )من طريق هشيم عن خالد ابن صفوان عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه به وصححه الحاكم وأقره الذهبي .

واخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية يقول : استعينوا بالصبر والصلاة على مرضات الله . واعلموا انها من طاعة الله .

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الاستعانة بالصبر . انظر مثلا( جامع الأصول6/429-441 ) .

وأخرج المروزي والحاكم من طريق إسحاق بن إبراهيم ، أنا عبد الرزاق انا معمر ، عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمة ام كلثوم بنت عقبة ، وكانت من مهاجرات الأول ، في قوله ( استعينوا بالصبر والصلاة ) قال غشي على عبد الرحمن بن عوف غشية حتى ظنوا انه فاض نفسه فيها فخرجت امرأته : أم كلثوم إلى المسجد تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة .

( تعظيم قدر الصلاة 1/224 ، 223 رقم205 ) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . ( المستدرك 2/269 ) . وأخرجه عبد الرزاق في التفسير بنحوه( التفسير ص51 ، 50 ) .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا سفيان بن عيينة قال : حدثونا يعني : ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله( واستعينوا بالصبر ) قال : الصبر : الصيام .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح .

قوله تعالى( وإنها لكبيرة )

أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( وإنها لكبيرة ) قال : الصلاة .

ورجاله ثقات إلا ورقاء صدوق والإسناد حسن .

وانظر الروايات الواردة عند قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة . . . ) آية : 153 من هذه السورة .

قوله تعالى ( إلا على الخاشعين )

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس( إلا على الخاشعين ) يعني : المصدقين بما أنزل الله تعالى .

وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله ( إلا على الخاشعين ) قال يعني : الخائفين .

واخرج عبد حميد عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( إلا على الخاشعين ) على المؤمنين حقا .

( انظر تغليق التعليق 4/172 ، 171 ) ، وإسناده حسن .