مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

{ واستعينوا } على حوائجكم إلى الله { بالصبر والصلاة } أي بالجمع بينهما وأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة محتملين لمشاقها وما يجب فيها من إخلاص القلب ودفع الوساوس الشيطانية والهواجس النفسانية ومراعاة الآداب والخشوع واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السموات والأرض ، أو استعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها والالتجاء إلى الصلاة عند وقوعها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه نعى إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع وصلى ركعتين ثم قال : " واستعينوا بالصبر والصلاة " وقيل : الصبر الصوم لأنه حبس عن المفطرات ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر . وقيل : الصلاة الدعاء أي استعينوا على البلايا بالصبر والالتجاء إلى الدعاء والابتهال إلى الله في دفعه . { وَإِنَّهَا } الضمير للصلاة أو للاستعانة . { لَكَبِيرَةٌ } لشاقة ثقيلة من قولك «كبر عَلَيَّ هذا الأمر » { إِلاَّ عَلَى الخاشعين } لأنهم يتوقعون ما ادخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم ، ألا ترى إلى قوله : { الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ } .