تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ} (45)

الآية 45 وقوله تعالى{[724]} : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) يحتمل وجوها : يحتمل أن{[725]} استعينوا بالصبر على ترك الرئاسة والمأكلة في الدنيا ؛ لأن الخطاب كان للرؤساء منهم بقوله ( أتأمرون الناس بالبر ) إلى قوله ( وأنتم تتلون الكتاب ) والله أعلم .

ويحتمل أن اصبروا على ترك الرئاسة لمحمد صلى الله عليه وسلم والانقياد له والخضوع [ لما بين لكم من الثواب في الآخرة لمن آمن به وأطاعه وترك الرئاسة له .

ويحتمل أن اصبروا على المكاره وترك الشهوات بأن الجنة لا تدرك إلا بذلك لما جاء [ به الحديث الشريف ]{[726]} : " حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات " [ مسلم 282 ] .

ويحتمل أن استعينوا بالصوم والصلاة على آدائهما . لكن هذا يرجع إلى المؤمنين ، والآية نزلت في رؤساء بني إسرائيل ، دليله قوله ( وأنتم تتلون الكتاب ) . وإنما يصلح هذا التأويل في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) الآية{[727]} [ البقرة : 153 ] .

وقوله عز وجل : ( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) يخرج ، والله أعلم ، على ما ذكرنا من ترك الرئاسة والمأكلة في الدنيا ؛ إنها لكبيرة عليهم إلا على الخاشعين ، فإنها غير كبيرة ولا عظيمة عليهم . ويحتمل : أن ترك الرئاسة لمحمد صلى الله عليه وسلم والانقياد له والخضوع ]{[728]} لثقيل إلا على الخاشعين ، فإنه لا يثقل ذلك عنهم ، ولا يكبر [ وقيل : إن تحويل القبلة إلى الكعبة لثقيل ]{[729]} ويحتمل أن يقال : إن الصبر على الطاعة وأداء هذه الفرائض لكبيرة على المنافقين إلا على المؤمنين خاصة ، فإنه لا يتعاظم ذلك عليهم . وقيل : إن تحويل القبلة إلى الكعبة لثقيل على اليهود ، والله أعلم .

وقوله : ( إلا على الخاشعين ) [ قيل ]{[730]} : فيه وجوه : قيل : الخاشع هو الخائف بالقلب ، وقيل : الخاشع المتواضع ، وقيل : الخاشع ههنا المؤمن . وقال الحسن : ( الخشوع ، هو الخوف اللازم بالقلب ) .


[724]:- من ط ع.
[725]:- من ط م، في الأصل و ط ع: أن أي.
[726]:- ساقطة من ط م و ط ع.
[727]:- أدرج الناسخ في ط ع تتمة الآية بدل: الآية.
[728]:- ما بين هذا القوس ونهايته [لما بين... والخضوع] من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.
[729]:- ساقطة من ط م.
[730]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.