المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

5- وأقسم لسوف يعطيك ربك من خيري الدنيا والآخرة حتى ترضى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

وإنه ليدخر لك ما يرضيك من التوفيق في دعوتك ، وإزاحة العقبات من طريقك ، وغلبة منهجك ، وظهور حقك . . وهي الأمور التي كانت تشغل باله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو يواجه العناد والتكذيب والأذى والكيد . . والشماتة . . ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

وقوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } أي : في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته ، وفيما أعدَّه له من الكرامة ، ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، وطينه [ من ]{[30185]} مسك أذفر كما سيأتي .

وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ، عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال : عرض على رسول الله ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا ، فسر بذلك ، فأنزل الله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر ، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم . رواه ابن جرير{[30186]} من طريقه ، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس : ومثلُ هذا ما يقال إلا عن توقيف .

وقال السدي ، عن ابن عباس : من رضاء محمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .

وقال الحسن : يعني بذلك الشفاعة . وهكذا قال أبو جعفر الباقر .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا معاويةُ بن هشام ، عن علي بن صالح ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنا أهلُ بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } {[30187]} .


[30185]:- (5) زيادة من أ.
[30186]:- (1) في أ: "رواه ابن جرير وابن أبي حاتم".
[30187]:- (2) ورواه البغوي في شرح السنة (14/248) من طريق ابن أبي شيبة فذكره دون الآية، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (15/236) بهذا الطريق ولم يذكر الآية، ولعل ذكرها وقع في كتاب التفسير، ورواه ابن ماجة في السنن برقم (4082) عن عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام به، وقال البوصيري في الزوائد (3/262): "هذا إسناد فيه يزيد بن أبي زياد الكوفي مختلف فيه".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

هو كذلك عطف على جملة القسم كلها وحرف الاستقبال لإفادة أن هذا العطاء الموعود به مستمر لا ينقطع كما تقدم في قوله تعالى : { قال سوف أستغفر لكم ربي } في سورة يوسف ( 98 ) وقوله : { ولسوف يرضى } في سورة الليل ( 21 ) .

وحذف المفعول الثاني لـ{ يعطيك } ليعمّ كل ما يرجوه صلى الله عليه وسلم من خير لنفسه ولأمته فكان مفاد هذه الجملة تعميم العطاء كما أفادت الجملة قبلها تعميم الأزمنة .

وجيء بفاء التعقيب في { فترضى } لإفادة كون العطاءِ عاجلَ النفع بحيث يحصل به رضى المعطَى عند العطاء فَلا يترقب أن يحصل نفعه بعد تَربص .

وتعريف { ربك } بالإضافة دون اسم الله العَلَم لما يؤذن به لفظ ( رب ) من الرأفة واللطف ، وللتوسل إلى إضافته إلى ضمير المخاطب لما في ذلك من الإِشعار بعنايته برسوله وتشريفه بإضافة رَب إلى ضميره .

وهو وعد واسع الشمول لما أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم من النصر والظَفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجاً وما فُتح على الخلفاء الراشدين ومَن بعدهم من أقطار الأرض شرقاً وغرباً .

واعلم أن اللام في { وللآخرة خير } [ الضحى : 4 ] وفي { ولسوف يعطيك } جزَم صاحب « الكشاف » بأنه لام الابتداء وقدر مبتدأ محذوفاً . والتقدير : ولأنت سوف يعطيك ربك . وقال : إن لام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التوكيد وحيث تعين أن اللام لام الابتداء ولام الابتداء لا تدخل إلا على جملة من مبتدأ وخبر تعين تقدير المبتدأ . واختار ابن الحاجب أن اللام في { ولسوف يعطيك ربك } لام التوكيد ( يعني لام جواب القسم ) . ووافقه ابن هشام في « مغني اللبيب » وأشعر كلامه أن وجود حرف التنفيس مانع من لحاق نون التَوكيد ولذلك تجب اللام في الجملة . وأقول في كون وجود حرف التنفيس يوجب كون اللاّم لام جواب قسم محلّ نظر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ ولسوف يعطيك ربك } في الآخرة ، وهو الخير { فترضى } يعني حتى ترضى ، ثم ترضى ، ثم ترضى بما يعطيك...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نِعَمه ، حتى ترضى... حدثني موسى بن سهل الرمليّ ، قال : حدثنا عمرو بن هاشم ، قال : سمعت الأوزاعيّ يحدّث ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ، عن عليّ بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، قال : عُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده ، كَفْرا كَفْرا ، فسرّ بذلك ، فأنزل الله "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبّكَ فَترْضَى" ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي لتعطى في الآخرة ما ترضى من الكرامة والشرف . وقال بعضهم : أي : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } في الدنيا ؛ الشرف والمنزلة والغلبة على الأعداء . ويحتمل : يعطيك في أمتك ما ترجو ، وتأمل من الشفاعة لهم ، وترضى . ويقول بعض الناس : إن أرجى آية هذه، حيث وعده أنه يعطيه ما يرضى ، ولا يرضى أن تكون أمته في النار . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

موعد شامل لما أعطاه الله في الدنيا من الفلج والظفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجاً ، والغلبة على قريظة والنضير وإجلائهم ، وبثّ عساكره وسراياه في بلاد العرب ، وما فتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرض من المدائن وهدم بأيديهم من ممالك الجبابرة وأنهبهم من كنوز الأكاسرة ، وما قذف في قلوب أهل الشرق والغرب من الرعب وتهيب الإسلام ، وفشوّ الدعوة واستيلاء المسلمين ، ولما ادّخر له من الثواب الذي لا يعلم كنهه إلاّ الله... فإن قلت : ما معنى الجمع بين حرفي التوكيد والتأخير ؟ قلت : معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخّر ، لما في التأخير من المصلحة ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قوله تعالى : { ولسوف يعطيك ربك فترضى }... اتصاله بما تقدم من وجهين؛

( الأول ) : هو أنه تعالى لما بين أن الآخرة : { خير له من الأولى } ولكنه لم يبين أن ذلك التفاوت إلى أي حد يكون، فبين بهذه الآية مقدار ذلك التفاوت ، وهو أنه ينتهي إلى غاية ما يتمناه الرسول ويرتضيه.

( الوجه الثاني ) : كأنه تعالى لما قال : { وللآخرة خير لك من الأولى } فقيل ولم قلت إن الأمر كذلك ، فقال : لأنه يعطيه كل ما يريده، وذلك مما لا تتسع الدنيا له ، فثبت أن الآخرة خير له من الأولى ، واعلم أنه إن حملنا هذا الوعد على الآخرة فقد يمكن حمله على المنافع ، وقد يمكن حمله على التعظيم ... وأما التعظيم، فالمروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام وابن عباس ، أن هذا هو الشفاعة في الأمة ... واعلم أن الحمل على الشفاعة متعين ، ويدل عليه وجوه؛

( أحدها ) : أنه تعالى أمره في الدنيا بالاستغفار فقال : { استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } فأمره بالاستغفار والاستغفار عبارة عن طلب المغفرة ، ومن طلب شيئا فلا شك أنه لا يريد الرد ولا يرضى به وإنما يرضى بالإجابة ، وإذا ثبت أن الذي يرضاه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإجابة لا الرد ، ودلت هذه الآية على أنه تعالى يعطيه كل ما يرتضيه، علمنا أن هذه الآية دالة على الشفاعة في حق المذنبين. ( والثاني ) : وهو أن مقدمة الآية مناسبة لذلك كأنه تعالى يقول لا أودعك ولا أبغضك بل لا أغضب على أحد من أصحابك وأتباعك وأشياعك طلبا لمرضاتك وتطييبا لقلبك ، فهذا التفسير أوفق لمقدمة الآية.

( والثالث ) : الأحاديث الكثيرة الواردة في الشفاعة دالة على أن رضا الرسول عليه الصلاة والسلام في العفو عن المذنبين ، وهذه الآية دلت على أنه تعالى يفعل كل ما يرضاه الرسول، فتحصل من مجموع الآية والخبر حصول الشفاعة ...

هذا كله إذا حملنا الآية على أحوال الآخرة ، أما لو حملنا هذا الوعد على أحوال الدنيا فهو إشارة إلى ما أعطاه الله تعالى من الظفر بأعدائه ... وههنا سؤالات :

السؤال الأول: لم لم يقل: يعطيكم مع أن هذه السعادات حصلت للمؤمنين أيضا؟ ( الجواب ) لوجوه :

( أحدها ) أنه المقصود وهم أتباع .

( وثانيها ) : أني إذا أكرمت أصحابك فذاك في الحقيقة إكرام لك ، لأني أعلم أنك بلغت في الشفقة عليهم إلى حيث تفرح بإكرامهم فوق ما تفرح بإكرام نفسك ، ومن ذلك حيث تقول الأنبياء : نفسي نفسي ، أي أبدأ بجزائي وثوابي قبل أمتي ، لأن طاعتي كانت قبل طاعة أمتي ، وأنت تقول : أمتي أمتي ، أي أبدأ بهم ، فإن سروري أن أراهم فائزين بثوابهم ...

السؤال الثاني : ما الفائدة في قوله : { ولسوف } ولم لم يقل : وسيعطيك ربك ؟

( الجواب ) : فيه فوائد؛

( إحداها ) : أنه يدل على أنه ما قرب أجله ، بل يعيش بعد ذلك زمانا.

( وثانيها ) : أن المشركين لما قالوا : ودعه ربه وقلاه فالله تعالى رد عليهم بعين تلك اللفظة ، فقال : { ما ودعك ربك وما قلى } ثم قال المشركون : سوف يموت محمد ، فرد الله عليهم ذلك بهذه اللفظة فقال : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } .

الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي 875 هـ :

قال عِيَاضٌ : وهذه آيةٌ جامعةٌ لوجوهِ الكرامةِ وأنواعِ السعادةِ في الدارين ، انتهى ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ ولسوف يعطيك } أي بوعد لا خلف فيه وإن تأخر وقته بما أفهمته الأداة { ربك } أي الذي لم يزل يحسن إليك بوعد الدنيا ووعد الآخرة { فترضى } أي فيتعقب على ذلك ويتسبب عنه رضاك . وهذا شامل لما منحه بعد كمال النفس من كمال العلم وظهور الأمر وإعلاء الدين وفتح البلاد ودينونة العباد ونقص ممالك الجبابرة ، وإنهاب كنوز الأكاسرة والقياصرة ، وإحلال الغنائم حتى كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر ، وشامل لما ادخره له سبحانه وتعالى في الآخرة من المقام المحمود والحوض المورود ، والشفاعة العظمى .....

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

{ ولسوف يعطيك ربك فترضى } أي ولسوف يظاهر ربك عليك نعمه ، ويوالي عليك مننه ، ومنها توارد الوحي عليك بما فيه إرشادك وإرشاد قومك إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة ، وسيظهر دينك على الأديان كلها ، وتعلو كلمتك ويرتفع شأنك على شؤون الناس جميعا . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وإنه ليدخر لك ما يرضيك من التوفيق في دعوتك ، وإزاحة العقبات من طريقك ، وغلبة منهجك ، وظهور حقك . . وهي الأمور التي كانت تشغل باله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو يواجه العناد والتكذيب والأذى والكيد . . والشماتة . . ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) . .

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وتعريف { ربك } بالإضافة دون اسم الله العَلَم لما يؤذن به لفظ ( رب ) من الرأفة واللطف ، وللتوسل إلى إضافته إلى ضمير المخاطب لما في ذلك من الإِشعار بعنايته برسوله وتشريفه بإضافة رَب إلى ضميره . وهو وعد واسع الشمول لما أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم من النصر والظَفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجاً وما فُتح على الخلفاء الراشدين ومَن بعدهم من أقطار الأرض شرقاً وغرباً .