نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ} (5)

ولما ذكر سبحانه الدنيا والآخرة ، ذكر ما يشملهما مما زاده من فضله ، فقال مصدراً بحرف الابتداء تأكيداً للكلام لأنهم ينكرونه وليست للقسم لأنها إذا دخلت على المضارع لزمته النون المؤكدة ، وضم هذه اللام إلى كلمة التنفيس للدلالة على أن العطاء وإن تأخر وقته لحكمة كائن لا محالة : { ولسوف يعطيك } أي بوعد لا خلف فيه وإن تأخر وقته بما أفهمته الأداة { ربك } أي الذي لم يزل يحسن إليك بوعد الدنيا ووعد الآخرة { فترضى * } أي فيتعقب على ذلك ويتسبب عنه رضاك . وهذا شامل لما منحه بعد كمال النفس من كمال العلم وظهور الأمر وإعلاء الدين وفتح البلاد ودينونة العباد ونقص ممالك الجبابرة ، وإنهاب كنوز الأكاسرة والقياصرة ، وإحلال الغنائم حتى كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر ، وشامل لما ادخره له سبحانه وتعالى في الآخرة من المقام المحمود والحوض المورود ، والشفاعة العظمى إلى غير ذلك مما لا يدخل تحت الحدود ، وقد أفهمت العبارة أن الناس أربعة أقسام : معطى راض ، وممنوع غير راض ، ومعطى غير راض ، وممنوع راض ، وعن علي رضي الله عنه أنها أرجى آية في القرآن لأنه صلى الله عليه وسلم لا يرضى واحداً من أمته في النار .