المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

129- فقال القوم في حزن وضعف : نحن نالنا الأذى قديماً من فرعون قبل مجيئك إلينا ، وحديثا من بعد مجيئك . فقتح موسى لهم باب الأمل وقال لهم : إن المرجو من فضل - ربكم - أن يهلك عدوكم الذي سخركم وآذاكم بظلمه ، ويجعلكم خلفاء الأرض التي وعدكم إياها ، فيعلم سبحانه ما أنتم عاملون بعد هذا التمكين : أتشكرون النعمة أم تكفرون ؟ وتصلحون في الأرض أم تفسدون ؟ ليجزيكم في الدنيا والآخرة بما تعملون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

103

ولكن إسرائيل هي إسرائيل !

( قالوا : أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ) :

إنها كلمات ذات ظل ! وإنها لتشي بما وراءها من تبرم ! أوذينا قبل مجيئك وما تغير شيء بمجيئك . وطال هذا الأذى حتى ما تبدو له نهاية !

ويمضي النبي الكريم على نهجه . يذكرهم بالله ، ويعلق رجاءهم به ، ويلوح لهم بالأمل في هلاك عدوهم . واستخلافهم في الأرض . مع التحذير من فتنة الاستخلاف .

( قال : عسى ربكم أن يهلك عدوكم ، ويستخلفكم في الأرض ، فينظر كيف تعملون ) .

إنه ينظر بقلب النبي فيرى سنة الله ، تجري وفق وعده ، للصابرين ، وللجاحدين ! ويرى من خلال سنة الله هلاك الطاغوت وأهله ، واستخلاف الصابرين المستعينين بالله وحده . فيدفع قومه دفعاُ إلى الطريق لتجري بهم سنة الله إلى ما يريد . . وهو يعلمهم - منذ البدء - أن استخلاف الله لهم إنما هو ابتلاء لهم . ليس أنهم أبناء الله وأحباؤه - كما زعموا - فلا يعذبهم بذنوبهم ! وليس جزافاً بلا غاية . وليس خلوداً بلا توقيت . إنه استخلاف للامتحان : ( فينظر كيف تعملون ) . . وهو سبحانه يعلم ماذا سيكون قبل أن يكون . ولكنها سنة الله وعدله ألا يحاسب البشر حتى يقع منهم في العيان ، ما هو مكشوف من الغيب لعلمه القديم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

{ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } أي : قد جرى علينا مثل ما رأيت من الهوان والإذلال من قبل ما جئت يا موسى ، ومن بعد ذلك . فقال منبهًا لهم على حالهم الحاضرة{[12027]} وما يصيرون{[12028]} إليه في ثاني الحال : { عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ [ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ] }{[12029]} وهذا تحضيض لهم على العزم على الشكر ، عند حلول النعم وزوال النقم .


[12027]:في ك، د، م: "الحاضر".
[12028]:في د: "يصير".
[12029]:زيادة من د، ك، م، وفي هـ: "الآية".