النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

قوله عز وجل : { قالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } فيه أربعة{[1121]} أقاويل :

أحدها : أن الأذى من قبل ومن بعد أخذ الجزية . قاله الحسن .

والثاني : أن الأذى من قبل : تسخيرهم بني إسرائيل في أعمالهم لنصف النهار وإرسالهم في بقيته ليكسبوا لأنفسهم . والأذى من بعد : تسخيرهم في جميع النهار بلا طعام ولا شراب ، قاله جويبر .

والثالث : أن الأذى الذي كان من قبل : الاستعباد وقتل الأبناء ، والذي كان من بَعد : الوعيد بتجديد ذلك عليهم ، حكاه ابن عيسى .

والرابع : أن الأذى الذي كان من قبل أنهم كانوا يضربون اللبن ويعطيهم التبن ، والأذى من بعد أن صاروا يضربون اللبن ويجعل عليهم التبن ، قاله الكلبي .

وفي قولهم : { مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } قولان :

أحدهما : من قبل أن تأتينا بالرسالة ومن بعد ما جئتنا بها ، قاله ابن عباس .

والثاني : من قبل أن تأتينا بعهد الله إليك أنه يخلصنا ومن بعد ما جئتنا به . وفي هذا القول منهم وجهان :

أحدهما : أنه شكوى ما أصابهم من فرعون واستعانة بموسى .

والثاني : أنهم{[1122]} قالوه استبطاء لوعد موسى ، حكاه ابن عيسى .

{ قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِك عَدُوَّكُمْ } { عَسَى } في اللغة طمع وإشفاق . قال الحسن عسى من الله واجبة . وقال الزجاج : { عَسَى } من الله يقين .

{ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } في قوله : { فَينظُرَ } وجهان :

أحدهما : فيرى .

والثاني : فيعلم وفي قول موسى ذلك لقومه أمران :

أحدهما : الوعد بالنصر والاستخلاف في الأرض .

والثاني : التحذير من الفساد فيها لأن الله تعالى ينظر كيف يعملون .


[1121]:قي ق قولان أحدهما.
[1122]:سقط من ق.