الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

قولهم : { أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا }[ الأعراف :129 ] .

يعنون به الذَّبْحَ الذي كان في المُدَّة التي كانَ فِرْعَون يتخوَّف فيها أنْ يولَدَ المولودُ الذي يُخَرِّبُ ملكه ، { وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } ، يعنون به وعيدَ فِرْعَونَ ، وسائِرَ ما كان خلالَ تلك المدَّة ، من الإخافة لهم .

وقال ابنُ عباس والسدّيُّ : إنما قالت بنو إسرائيل هذه المقالَة ، حين اتبعهم فرعون ، واضْطَرَّهم إِلى البحر .

قال ( ع ) : وبالجملة فهو كلامٌ يجري مع المعهودِ مِنْ بني إِسرائيل ، مِن اضطرابهم على أنبيائهم ، وقلَّةِ يقينهم ، واستعطاف موسى لهم بقوله : { عسى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ } ، ووعده لهم بالاستخلاف في الأرض ، يدُلَّ على أنه يستدعي نفوساً نافرةً ، ويقوِّي هذا الظنَّ في جهة بني إِسرائيل سلوكُهم هذا السبيلَ في غَيْر مَا قصَّةٍ ، وقوله : { فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } تنبيهٌ وحضٌّ على الاستقامة ، ولقد استخلفوا في مِصْرَ في زمن دَاوُدَ وسليمانَ ، وقد فتحوا بَيْتَ المَقْدِسِ مع يُوشَعَ .