بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

قوله تعالى : { قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا } يعني : إن قوم موسى قالوا لموسى : إنهم قد عذبوا قبل أن تأتينا بالرسالة { وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } لأن قوم فرعون كانوا يكلفون بني إسرائيل من العمل ما لا يطيقون ، وكان آل فرعون لا يعرفون شيئاً من الأعمال ، وكان بنو إسرائيل حذاقاً في الأشياء والأعمال ، فكانوا يأمرونهم بالعمل ولا يعطونهم الأجر . { فَقَالَ } لهم موسى { عسى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ } يعني : فرعون وقومه { وَيَسْتَخْلِفَكُمْ في الأرض } أي : يجعلكم سكاناً في أرض مصر من بعد هلاكهم يعني : من بعد هلاك فرعون وقومه { فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } يعني : يبتليكم بالنعمة كما ابتلاكم بالشدة ، فيظهر عملكم في حال اليسر والشدة ، لأنه قد وعد لهم بقوله تعالى : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا في الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين } [ القصص : 5 ] .

ويقال : { فينظر كيف تعملون } من بعده يعني : من بعد انطلاق موسى إلى الجبل فعبدوا العجل .