التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

قوله : { قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا } بعد أن دعا موسى قومه للاصطبار واحتمال الأذى والمكروه قالوا له –وهم محزنون- إنهم أصابهم البلاء والإذلال والقتل على يد فرعون من قبل أن يبعثك الله إلينا رسولا ؛ لأن فرعون كان عازما قبل أن تأتينا نبيا ورسولا ، أن يقتل أنباء بني إسرائيل لما بلغه من خبر أن زوال ملكه كائن على يد مولود منهم . وكذلك قالوا له : إن العذاب نازل بهم من فرعون بعد مبعثه فيهم ، فهم معذبون من فرعون من قبل موسى ومن بعده .

قوله : { قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون } ذلك تصريح بما يشير إليه من البشرى لبني إسرائيل بهلاك فرعون ليخلفوه في ملكه من بعده . وقيل : عسى ، من الله واجب ؛ فقد وعدهم الله بإهلاك فرعون واستخلافهم في مصر من بعده . وقد تحقق ذلك كله ؛ فقد استخلفوا في مصر في زمان داود وسليمان عليها السلام وفتحوا بيت المقدس بقيادة يوشع بن نون . وذلك كله ليرى الله ما هو كائن منهم من العمل الحسن منه والقبيح ، والطاعة أو المعصية ، والشكران أو الكفران ، ليجازيهم ربهم على ما يفعلون من ذلك .