غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

127

ثم إنهم خافوا وفزعوا من تهديد فرعون فشكوا إلى موسى مستعجلين النصر و{ قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا } يعنون قتل أبنائهم قبل مولده إلى حين نبوته ثم إعادة ذلك عليهم في قوله { سنقتل } إلى غير ذلك من أنواع المحن والمهن . فعند ذلك قال لهم موسى مصرحاً بما رمز إليهم من البشارة قبل { عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض } أرض مصر ولا ريب أن في { عسى } طمعاً وإشفاقاً ومثل هذا الكلام إذا صدر عن النبي المؤيد بالمعجزات القاهرة الناظر بنور الحق أفاد قوة اليقين وأزال ما خامره من الضعف . ثم قال { فينظر كيف تعملون } قال الزجاج : أي يرى الكائن منكم من العمل حسنه وقبحه شكره وكفره لوقوع ذلك منكم لأن الله تعالى لا يجازيهم على ما يعلمه منهم قديماً وإنما يجازيهم على ما يقع منهم حديثاً فتتعلق الرؤية الأزلية به . عن عمرو بن عبيد أنه دخل على المنصور قبل الخلافة . وعلى مائدته رغيف أو رغيفان . فطلب زيادة لعمرو فلم يكن فقرأ عمرو هذه الآية . ثم دخل عليه بعد ما استخلف فذكر له ذلك وقال قد بقي { فينظر كيف تعملون } . و{ وكيف } نصب ب { تعملون } لا ب { ينظر } لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما يتقدمه .

/خ141