فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

{ قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا } وذلك بقتل فرعون أبناءنا عند مولدك لما أخبر بأنه سيولد مولود يكون زوال ملكه على يده ، وبقتل أبنائنا الآن ، وقيل المعنى أوذينا من قبل أن يأتينا بالرسالة باستعمالنا في الأعمال الشاقة بغير جعل كضرب اللبن ونقل التراب ونحو ذاك ، ومن بعد ما جئنا بما صرنا فيه الآن من الخوف على أنفسنا وأولادنا وأهلنا وقيل إن الأذى من قبل ومن بعد واحد وهو قبض الجزية منهم .

{ قال } موسى مجيبا لهم { عسى ربكم أن يهلك عدوكم } مستأنفة كالتي قبلها وعدهم بإهلاك الله لعدوهم وهو فرعون وقومه { ويستخلفكم في الأرض } هو تصريح بما رمز إليه سابقا من أن الأرض لله ، وقد حقق الله رجاءه وملكوا مصر في زمان داود وسليمان وفتحوا بيت المقدس مع يوشع بن نون ، وأهلك فرعون وقومه بالغرق وأنجاهم { فينظر كيف تعملون } فيها من الأعمال أي من الإصلاح والإفساد بعد أن يمن عليكم بإهلاك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فيجازيكم بما عملتم من خير وشر .

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن بنا أهل البيت يفتح ويختم ، ولا بد أن تقع دولة لبني هاشم فانظروا فيمن يكون من بني هاشم ، وفيهم نزلت { عسى ربكم أن يهلك عدوكم } الآية ، وينبغي أن ينظر في صحة هذا عن ابن عباس فالآية نازلة في بني اسرئيل واقعة في هذه القصة الحاكية لما جرى بين موسى وفرعون لا في بني هاشم .