المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31)

31 - وتقول لهم الملائكة : نحن نصراؤكم في الحياة الدنيا بالتأييد وفي الآخرة بالشفاعة والتكريم ، ولكم في الآخرة ما تشتهيه أنفسكم من الملاذ والطيبات ، ولكم فيها ما تتمنون إكراماً وتحية من رب واسع المغفرة والرحمة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31)

ويقولون لهم أيضا - مثبتين لهم ، ومبشرين : { نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } يحثونهم في الدنيا على الخير ، ويزينونه لهم ، ويرهبونهم عن الشر ، ويقبحونه في قلوبهم ، ويدعون الله لهم ، ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف ، وخصوصًا عند الموت وشدته ، والقبر وظلمته ، وفي القيامة وأهوالها ، وعلى الصراط ، وفي الجنة يهنئونهم بكرامة ربهم ، ويدخلون عليهم من كل باب { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } ويقولون لهم أيضا : { وَلَكُمْ فِيهَا } أي : في الجنة { مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ } قد أعد وهيئ . { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } أي : تطلبون من كل ما تتعلق به إرادتكم وتطلبونه من أنواع اللذات والمشتهيات ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31)

المتكلم ب { نحن أولياؤكم } هم الملائكة القائلون : «لا تخافوا ولا تحزنوا » أي يقولون للمؤمنين عند الموت وعند مشاهدة الحق نحن كنا أولياءكم في الدنيا ونحن هم في الآخرة . قال السدي المعنى : نحن حفظَتكُم في الدنيا وأولياؤكم في الآخرة ، والضمير في قوله : { فيها } عائد على الآخرة . و : { تدعون } معناه : تطلبون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31)

وقول الملائكة : { نَحْنُ أولِيَاؤُكُم في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وفي الآخِرَةِ } تعريف بأنفسهم للمؤمنين تأنيساً لهم .

فإن العلم بأن المتلقِّيَ صاحب قديم يزيد نفس القادم انشراحاً وأنساً ويزيل عنه دهشة القدوم ، يُخفف عنه من حشمة الضيافة ، ويزيل عنه وحشة الاغتراب ، أي نحن الذين كنا في صحبتكم في الدنيا ، إذ كانوا يكتبون حسناتهم ويشهدون عند الله بصلاتهم كما في حديث : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلّون وتركناهم وهم يصلون " . وقد حفظوا العهد فكانوا أولياء المؤمنين في الآخرة ، وقد جيء بهذا القول معترضاً بين صفات الجنة ليتحقق المؤمنون أن بشارتهم بالجنة بشارة محب يفرح لحبيبه بالخير ويسعى ليزيده .

واعلم أن قوله : { في الحَياةِ الدُّنيا } إشارة إلى مقابلة قوله في المشركين { وَقَيَّضْنَا لَهُم قُرَنَاءَ } [ فصلت : 25 ] فكما قيّض للكافر قرناء في الدنيا قيّض للمؤمنين ملائكة يكونون قرناءَهم في الدنيا ، وكما أنطق أتباعهم باللائمة عليهم أنطق الملائكة بالثناء على المؤمنين . وهذه الآية تقتضي أن هذا الصنف من الملائكة خاص برفقة المؤمنين وولائهم ولا حظ للكافرين فيهم ، فإن كان الحفظة من خصائص المؤمنين كما نقله ابن ناجي في « شرح الرسالة » فمعنى ولايتهم للمؤمنين ظاهر ، وإن كان الحفظة موكَّلين على المؤمنين والكافرين كما مشى عليه الجمهور وهو ظاهر قوله تعالى : { كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون } [ الانفطار : 9 12 ] فهذا صنف من الملائكة موكّل بحفظ المؤمنين في الدنيا ، وهم غير الحفظة ، وقد يكون هذا الصنف من الملائكة هو المسمى بالمعقبات في قوله تعالى : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللَّه } حسب ما تقدم في سورة الرعد ( 11 ) .

وقد دلت عدة آثار متفاوتة في القبول على أن الملائكة الذين لهم علاقة بالناس عموماً أو بالمؤمنين خاصة أصناف كثيرة . وعن عثمان « أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم كم من ملَك على الإِنسان ، فذكر له عشرين مَلكاً » . ولعل وصف الملائكة المتنزلين بأنهم أولياء يقتضي أن عملهم مع المؤمن عمل صلاح وتأييد مثل إلهام الطاعات ومحاربة الشياطين ونحو ذلك ، وبذلك تتم مقابلة تنزلهم على المؤمنين بذكر تقييض القرناء للكافرين ، وهذا أحسن .

وجملة { ولَكُم فِيهَا ما تَشْتَهِي أنفُسُكُم } عطف على { التي كُنتُم تُوعَدُون } وما بينهما جملة معترضة كما بينته آنفاً .

ومعنى { مَا تَدَّعُونَ } : ما تتمنون . يقال : ادَّعَى ، أي تمنى ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { ولهم ما يدَّعون } في سورة يس ( 57 ) . والمعنى : لكم فيها ما تشتهونه مما يقع تحت الحسّ وما تتمنونه في نفوسكم من كل ما يخطر بالبال مما يجول في الخيال ، فما يدّعون غير ما تشتهيه أنفسهم .

ولهذه المغايرة أعيد { لكم } ليؤذن باستقلال هذا الوعد عن سابقه ، فلا يتوهم أن العطف عطف تفسير أو عطف عام على خاص .