فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31)

ثم بشرهم سبحانه بما هو أعظم من ذلك كله فقال

{ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ } أي نحن المتولون لحفظكم ومعونتكم في أمور الدنيا وأمور الآخرة ومن كان الله وليه فاز بكل مطلب ونجا من كل مخافة وقيل ، إن هذا من قول الملائكة .

قال مجاهد يقولون لهم نحن قرناؤكم الذين كنا معكم في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قالوا لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة .

وقال السدي نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا وأنصاركم وأحباؤكم وأولياؤكم في الآخرة وقيل أنهم يشفعون لهم في الآخرة ويتلقونهم بالكرامة وقال النسفي رحمه الله كما أن الشياطين قرناء العصاة والكافرين فكذلك الملائكة أولياء المتقين وأحباؤهم في الدارين { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ } من صنوف الكرامات واللذات وأنواع النعم { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } أي تتمنون افتعال من الدعاء بمعنى الطلب .

وقد تقدم بيان معنى هذا في قوله { ولهم ما يدعون } مستوفى ، والفرق بين الجملتين أن الأولى باعتبار شهوات أنفسهم ، والثانية باعتبار ما يطلبونه ، أعم من أن يكون مما تشتهيه أنفسهم أولا ، إذ لا يلزم أن يكون كل مطلوب مشتهى ، كالفضائل العلمية ، وإن كان الأول أعم أيضا من وجه بحسب حال الدنيا فالمريض لا يريد ما يشتهيه ويضر مرضه إلا أن يقال التمني أعم من الإرادة ، وقال الرازي : الأقرب عندي أن قوله : { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ } إشارة إلى الجنة الروحانية المذكورة في قوله { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } الآية .