فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31)

ثم بشرهم سبحانه بما هو أعظم من ذلك كله ، فقال : { نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ في الحياة الدنيا وَفِى الآخرة } أي نحن المتولون لحفظكم ، ومعونتكم في أمور الدنيا وأمور الآخرة ، ومن كان الله وليه فاز بكلّ مطلب ، ونجا من كلّ مخافة . وقيل : إن هذا من قول الملائكة . قال مجاهد : يقولون لهم : نحن قرناؤكم الذين كنا معكم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قالوا : لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة . وقال السدّي : نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا ، وأولياؤكم في الآخرة . وقيل : إنهم يشفعون لهم في الآخرة ، ويتلقونهم بالكرامة { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } من صنوف اللذات ، وأنواع النعم { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } أي ما تتمنون ، افتعال من الدعاء بمعنى الطلب ، وقد تقدّم بيان معنى هذا في قوله : { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } [ يس : 57 ] مستوفى ، والفرق بين الجملتين : أن الأولى باعتبار شهوات أنفسهم ، والثانية باعتبار ما يطلبونه أعم من أن يكون مما تشتهيه أنفسهم أولاً . وقال الرازي : الأقرب عندي أن قوله : { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } إشارة إلى الجنة الروحانية المذكورة في قوله : { دعواهم فِيهَا سبحانك اللهم } [ يونس : 10 ] الآية .

/خ36