6- ليُدخل الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجرى من تحتها الأنهار ، دائمين فيها ، يمحو عنهم سيئاتهم ، وكان ذلك الجزاء عند الله فوزاً بالغاً غاية العِظم . وليعذب المنافقين والمنافقات ، والمشركين مع الله غيره والمشركات ، الظانين بالله ظنا فاسدا . وهو أنه لا ينصر رسوله ، عليهم - وحدهم - دائرة السوء ، لا يفلتون منها ، وغضب الله عليهم وطردهم من رحمته وَهَيَّأ لعذابهم جهنم وساءت نهاية لهم .
وأما المنافقون والمنافقات ، والمشركون والمشركات ، فإن الله يعذبهم بذلك ، ويريهم ما يسوءهم ؛ حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين ، وظنوا بالله الظن السوء ، أنه لا ينصر دينه ، ولا يعلي كلمته ، وأن أهل الباطل ، ستكون لهم الدائرة على أهل الحق ، فأدار الله عليهم ظنهم ، وكانت دائرة السوء عليهم في الدنيا ، { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } بما اقترفوه من المحادة لله ولرسوله ، { وَلَعَنَهُمْ } أي : أبعدهم وأقصاهم عن رحمته { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }
{ ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } عطف على { يدخل } إلا إذا جعلته بدلا فيكون عطفا على المبدل منه . { الظانين بالله ظن السوء } ظن الأمر السوء وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين . { عليهم دائرة السوء } دائرة ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { دائرة السوء } بالضم وهما لغتان ، غير أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه والمضموم جرى مجرى الشر وكلاهما في الأصل مصدر { وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم } عطف على لما استحقوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا ، والواو في الأخيرين والموضع موضع الفاء إذ اللعن سبب للأعداد ، والغضب سبب له لاستقلال الكل في الوعيد بلا اعتبار النسبية . { وساءت مصيرا } جهنم .
وقوله : { الظانين بالله ظن السوء } قيل معناه من قولهم : { لن ينقلب الرسول }الآية{[10404]} [ الفتح : 12 ] ، فكأنهم ظنوا بالله ظن السوء في جهة الرسول والمؤمنين ، وقيل : ظنوا بالله ظن سوء ، إذ هم يعتقدونه بغير صفاته ، فهي ظنون سوء من حيث هي كاذبة مؤدية إلى عذابهم في نار جهنم .
وقوله تعالى : { عليهم دائرة السوء } كأنه يقوي التأويل الآخر ، أي أصابهم ما أرادوه بكم ، وقرأ جمهور القراء : «دائرة السَوء » كالأول ، ورجحها الفراء ، وقال : قل ما تضم العرب السين . قال أبو علي : هما متقاربان ، والفتح أشد مطابقة في اللفظ . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : «ظن السَوء » بفتح السين . و : «دائرة السُوء » بضم السين ، وهو اسم ، أي «دائرة السُوء » الذي أرادوه بكم في ظنهم السوء . وقرأ الحسن : بضم السين في الموضعين ، وروى ذلك عن أبي عمرو ومجاهد ، وسمى المصيبة التي دعا بها عليهم : { دائرة } ، من حيث يقال في الزمان إنه يستدير ، ألا ترى أن السنة والشهر كأنها مستديرات ، تذهب على ترتيب ، وتجيء من حيث هي تقديرات للحركة العظمى ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض }{[10405]} فيقال للأقدار والحوادث التي هي في طي الزمان دائرة ، لأنها تدور بدوران الزمان ، كأنك تقول : إن أمراً كذا يكون في يوم كذا من سنة كذا ، فمن حيث يدور ذلك اليوم حتى يبرز إلى الوجود تدور هي أيضاً فيه ، وقد قالوا : أربعاء لا تدور ، ومن هذا قول الشاعر : [ الرجز ]
*ودائرات الدهر قد تدورا*{[10406]}
ويعلم أن النائبات تدور . . . {[10407]}
وهذا كثير ويحسن أن تسمى المصيبة دائرة من حيث كمالها أن تحيط بصاحبها كما يحيط شكل الدائرة على السواء من النقطة ، وقد أشار النقاش إلى هذا المعنى { وغضب الله } تعالى متى قصد به الإرادة فهو صفة ذات ، ومتى قصد به ما يظهر من الأفعال على المغضوب عليه فهي صفة فعل . { ولعنهم } معناه : أبعدهم من رحمته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.