ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين ، وتهددهم فقال : { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } عن الخروج ، لمن [ لم ]{[696]} يخرجوا { وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ } الذين خرجوا : { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي : ارجعوا ، كما تقدم من قولهم : { يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا }
وهم مع تعويقهم وتخذيلهم { وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ } أي : القتال والجهاد بأنفسهم { إِلَّا قَلِيلًا } فهم أشد الناس حرصًا على التخلف ، لعدم الداعي لذلك ، من الإيمان والصبر ، ووجود المقتضى للجبن ، من النفاق ، وعدم الإيمان .
يخبر تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم عن شهود الحرب ، والقائلين لإخوانهم ، أي : أصحابهم{[23253]} وعُشَرائهمِ وخلطائهم { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي : إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار ، وهم مع ذلك { لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا } .
ثم وبخهم بأن الله يعلم { المعوقين } وهم الذين يعوقون الناس عن نصرة الرسول ويمنعونهم بالأقوال والأفعال من ذلك ، ويسعون على الدين ، وتقول عاقني أمر كذا وعوّقني إذا بالغت وضعفت الفعل ، وأما «القائلون » فاختلف الناس في حالهم ، فقال ابن زيد وغيره أراد من كان من المنافقين ، يقول لإخوانه في النسب وقرابته { هلم إلينا } أي إلى المنازل والأكل والشرب وترك القتال ، وروي أن جماعة منهم فعلت ذلك ، وروي أن رجلاً من المؤمنين رجع إلى داره فوجد أخاً له منافقاً بين يديه رغيف وشواء وتين ، فقال له : تجلس هكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال ، فقال له أخوه : هلم إلى ما أنا فيه يا فلان ودعنا من محمد فقد والله هلك وما له قبل بأعدائه ، فشتمه أخوه وقال : والله لأعرفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الآية قد نزلت{[9475]} .
وقالت فرقة بل أراد من كان من المنافقين يداخل كفار قريش من العرب فإنه كان منهم من داخلهم وقال لهم { هلم إلينا } أي إلى المدينة فإنكم تغلبون محمداً وتستأصلونه ، فالإخوان على هذا هم في الكفر والمذهب السوء ، و { هلم } معناه : الدعاء إلى الشيء ، ومن العرب من يستعملها على حد واحد للمذكر المؤنث والمفرد والجميع ، وهذا على أنها اسم فعل ، هذه لغة أهل الحجاز ، ومنه من يجريها مجرى الأفعال فيلحقها الضمائر المختلفة فيقول هلم وهلمي وهلموا ، وأصل { هلم } هاْلُمْم نقلت حركة الميم إلى اللام فاستغني عن الألف وأدغمت الميم في الميم لسكونها فجاء { هلم } ، وهذا مثل تعليل رد من أردد{[9476]} ، و { البأس } القتال ، و { إلا قليلاً } معناه إلا إتياناً قليلاً ، وقلته يحتمل أن يكون لقصر مدته وقلة أزمنته ، ويحتمل أن يكون لخساسته وقلة غنائه وأنه رياء وتلميع لا تحقيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.