الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِيلًا} (18)

ثم قال تعالى : { قد يعلم الله المعوقين منكم } أي : قد يعلم الله الذين يعوقون الناس الناس فيصدونهم عن رسول الله في حضور الحرب . وهو مشتق من عاقني عن كذا أي صرفني عنه ومنعني ، وعوق على التكثير لعاق فهو معوق{[55377]} .

ثم قال : { والقائلين لإخوانهم هلم إلينا } أي تعالوا إلينا ودعوا محمدا فإنا نخاف عليكم الهلاك .

{ ولا يأتون البأس إلا قليلا } أي : الحرب والقتال ، لا يشهدون ذلك إلا تعذيرا ودفعا للمسلمين عن / أنفسهم ورياء وهذا كله في المنافقين .

قال قتادة : هؤلاء ناس من المنافقين كانوا يقولون لإخوانهم ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه دعوا هذا الرجل فإنه هالك{[55378]} .

وقال ابن زيد : نزلت في أخوين أحدهما مؤمن والأخر منافق ، جرى بينهما كلام في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المنافق للمؤمن : هلم إلى الطعام فقد نعق بك وبصاحبك والذي يحلف به ، لاستقبلها محمد أبدا ، فقال له المؤمن : كذبت والذي يحلف به ، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فنزلت : { والقائلين لإخوانهم هلم إلينا }{[55379]} .


[55377]:جاء في اللسان مادة "عوق" 10/279 ـ 280: "عاقه عن الشيء يعوقه عوقا: صرفه وحبسه ومنه التعويق والاعتياق...، توبيث الناس عن الخير... والتعويق: التثبيط وفي التنزيل: {قد يعلم الله المعوقين منكم} المعوقون: قوم من المنافقين كانوا يثبطون أنصار النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنهم قالوا لهم: ما محمد وأصحابه إلا أكله رأس، ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وحزبه، فخلوهم وتعالوا إلينا فهذا تعويقهم إياهم عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو تفعيل من عاق يعوق".
[55378]:انظر: جامع البيان 21/139، والجامع للقرطبي 14/152، والدر المنثور 6/581
[55379]:انظر: جامع البيان 21/139 والدر المنثور 6/580