المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

21- سارعوا في السبق إلى مغفرة من ربكم إلى جنة فسيحة الأرجاء ، عرضها مثل عرض السماوات والأرض هُيِّئت للذين صدقوا بالله ورسله . ذلك الجزاء العظيم فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده ، والله - وحده - صاحب الفضل الذي جل أن تحيط بوصفه العقول .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته ، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة ، من التوبة النصوح ، والاستغفار النافع ، والبعد عن الذنوب ومظانها ، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح ، والحرص على ما يرضي الله على الدوام ، من الإحسان في عبادة الخالق ، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع ، ولهذا ذكر الله الأعمال الموجبة لذلك ، فقال : { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ } والإيمان بالله ورسله{[993]}  يدخل فيه أصول الدين وفروعها ، { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } أي : هذا الذي بيناه لكم ، وذكرنا لكم فيه الطرق الموصلة إلى الجنة ، والطرق الموصلة إلى النار ، وأن فضل الله بالثواب الجزيل والأجر العظيم{[994]}  من أعظم منته على عباده وفضله . { وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الذي لا يحصي ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه ، وفوق ما يثني عليه عباده{[995]} .


[993]:- كذا في ب، وفي أ: ورسوله.
[994]:- في ب: وأن ثواب الله بالأجر الجزيل، والثواب الجميل.
[995]:- في ب: أحد من خلقه.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ووَكِيع ، كلاهما عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَلْجنة أقرب إلى أحدكم من شِرَاك نعله ، والنار مثل ذلك " .

انفرد بإخراجه البخاري في " الرقاق " ، من حديث الثوري ، عن الأعمش ، به{[28298]}

ففي هذا الحديث دليل على اقتراب الخير والشر من الإنسان ، وإذا كان الأمر كذلك ؛ فلهذا حثه الله{[28299]} على المبادرة إلى الخيرات ، من فعل الطاعات ، وترك المحرمات ، التي تكفر عنه الذنوب والزلات ، وتحصل له الثواب والدرجات ، فقال تعالى : { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ }

والمراد جنس السماء والأرض ، كما قال في الآية الأخرى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] . وقال هاهنا : { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } أي : هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم ، كما قدَّمنا في الصحيح : أن فقراء المهاجرين قالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدُّثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم . قال : " وما ذاك ؟ " . قالوا : يُصلُّون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويُعتقون ولا نُعْتِق . قال : " أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم : تسبحون وتكبرون وتحمدون دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين " . قال : فرجعوا فقالوا : سمع إخواننا أهل الأموال ما فعلنا ، ففعلوا مثله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " {[28300]}


[28298]:- (3) المسند (1/387) وصحيح البخاري برقم (6488).
[28299]:- (4) في م: "فلهذا حث تعالى".
[28300]:- (5) صحيح البخاري برقم (843) وصحيح مسلم برقم (595).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

لما ذكر تعالى المغفرة التي في الآخرة ، ندب في هذه الآية إلى المسارعة إليها والمسابقة ، وهذه الآية حجة عند جميع العلماء في الندب إلى الطاعات ، وقد استدل بها بعضهم على أن أول أوقات الصلوات أفضل ، لأنه يقتضي المسارعة والمسابقة ، وقد ذكر بعضهم في تفسير هذه الآية أشياء هي على جهة المثال ، فقال قوم من العلماء منهم ابن مسعود : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم } معناه : كونوا في أول صف في القتال . وقال آخرون ، منهم أنس بن مالك معناه : اشهدوا تكبيرة الإحرام مع الإمام ، وقال آخرون منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كن أول داخل في المسجد ، وآخر خارج منه ، وهذا كله على جهة المثال . وذكر العرض من الجنة ، إذ المعهود أنه أقل من الطول ، وقال قوم من أهل المعاني : عبر عن الساحة بالعرض ولم يقصد أن طولها أقل ولا أكثر . وقد ورد في الحديث : «إن سقف الجنة العرش » . وورد في الحديث : «إن السماوات السبع في الكرسي كالدرهم في الفلاة ، وإن الكرسي في العرش كالدرهم في الفلاة »{[10985]} .

وقوله تعالى : { أعدت } ظاهرة أنها مخلوقة الآن معدة ، ونص عليه الحسن في كتاب النقاش .


[10985]:رواه ابن جرير في تفسيره، عن ابن زيد، عن أبيه، وأخرجه ابن مردويه عن أبي ذر، وأخرجه الآجري، وأبو حاتم البستي في صحيح مسنده، والبيهقي وذكر أنه صحيح، ولفظه كما ذكره ابن مردويه أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي، فقال صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة).