الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

وقوله سبحانه : { سَابِقُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } الآية : لما ذكر تعالى المغفرة التي في الآخرة ، ندب في هذه الآية إلى المسارعة إليها والمسابقة ، وهذه الآية حُجَّةٌ عند جميع العلماء في الندب إلى الطاعات ، وقدِ استدلَّ بها بعضُهم على أَنَّ أَوَّلَ أوقات الصلوات أَفضلُ ؛ لأَنَّهُ يقتضي المسارعةَ والمسابقةَ ، وذكر سبحانه العَرْضَ من الجنة ؛ إذِ المعهودُ أَنَّهُ أَقَلُّ من الطول ، وقد ورد في الحديث : " أَنَّ سَقْفَ الجَنَّةِ الْعَرْشُ " وورد في الحديث : " أَنَّ السماوات السَّبْعَ في الكُرْسِيِّ كَالدِّرْهَمِ في الْفَلاَةِ ، وَأَنَّ الْكُرْسِيَّ في الْعَرْشِ كَالدِّرْهَمِ في الْفَلاَةِ " . ( ت ) : أيها الأخ ، أَمَرَكَ المولى سبحانه بالمسابقة والمسارعة ؛ رحمةً منه وفضلاً ، فلا تغفلْ عن امتثال أمره وإجابة دعوته :

السِّبَاقَ السِّبَاقَ قَوْلاً وَفِعْلاً *** حَذَرَ النَّفْسِ حَسْرَةَ الْمَسْبُوقِ

ذكر صاحبُ " معالم الإيمان " ، و " روضات الرضوان " في مناقب صلحاء القيروان ، قال : ومنهم أبو خالد عبد الخالق المتعبد ، كان كثيرَ الخوف والحزن ، وبالخوف مات ؛ رأى يوماً خَيْلاً يسابق بها ، فتقدمها فرسان ، ثم تقدم أَحَدُهُمَا على الآخر ، ثم جَدَّ التالي حتى سَبَقَ الأول ، فتخلَّلَ عبد الخالق الناسَ حَتَّى وصلَ إلى الفرس السابق ، فجعل يُقَبِّلُهُ ويقول : بارك اللَّه فيك ، صَبَرْتَ فظفرت ، ثم سقط مغشيًّا عليه ، انتهى .