البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

ولما ذكر تعالى ما في الآخرة من المغفرة ، أمر بالمسابقة إليها ، والمعنى : سابقوا إلى سبب مغفرة ، وهو الإيمان وعمل الطاعات .

وقد مثل بعضهم المسابقة في أنواع ؛ فقال عبد الله : كونوا في أول صفة في القتاد .

وقال أنس : اشهدوا تكبيرة الإحرام مع الإمام .

وقال علي : كن أول داخل في المسجد وآخر خارج .

واستدل بهذا السبق على أن أول أوقات الصلوات أفضل ، وجاء لفظ سابقوا كأنهم في مضمار يجرون إلى غاية مسابقين إليهم .

{ عرضها } : أي مساحتها في السعة ، كما قال : فذو دعاء عريض ، أو العرض خلاف الطول .

فإذا وصف العرض بالبسطة ، عرف أن الطول أبسط وأمد .

{ أعدّت } : يدل على أنها مخلوقة ، وتكرر ذلك في القرآن يقوي ذلك ، والسنة ناصة على ذلك ، وذلك يرد على المعتزلة في قولهم : إنها الآن غير مخلوقة وستخلق .

{ ذلك } : أي الموعود من المغفرة والجنة ، { فضل الله } : عطاؤه ، { يؤتيه من يشاء } : وهم المؤمنون .