تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (21)

الآية 21 وقوله تعالى : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم } يقول : اجعلوا المسابقة في ما بينكم في مغفرة ربكم إلى جنة لا إلى جمع الأموال والأولاد . وكان أهل الكفر جعلوا المسابقة في الدنيا في جمع الأموال والتفاخر والتكاثر بها ، فيقول لأهل الإيمان : اجعلوا أنتم المسابقة في طلب مغفرة الله وجنته{[20661]} ، والله أعلم .

ويحتمل : سابقوا آجالكم بأعمالكم التي توجب لكم المغفرة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وجنة عرضها كعرض السماء والأرض } الآية ذكر سعة الجنة لأن العرض إنما يذكر لسعة تكون للشيء ، و قد ذكر سعة [ لها حين ]{[20662]} قال : { في سدر مخضود } { وطلح منضود } { وظل ممدود } { وماء مسكوب } { وفاكهة كثيرة } { لا مقطوعة ولا ممنوعة } { وفرش مرفوعة } [ الواقعة : 28 – 34 ] وقال أيضا : { وفيها/ 551- أا تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين } [ الزخرف : 71 ] ونحو ذلك ؛ ذكر ما فيها من السعة وسعتها ، والله أعلم .

ثم ذكر عرضها { كعرض السماء والأرض } ليس يخرج على التحديد والتقدير أن عرضها مثل عرض السماوات والأرض ، لكن لما لا شيء أوسع في أوهام الخلق مما ذكر ، وهو كقوله : { خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض } [ هود : 107 ] ذكر دوامها : لا شيء أبقى وأدوم منها في الأذهان ، وإلا كانتا تفنيان .

ويحتمل أن يقول : { عرضها كعرض السماء والأرض } أن تصير السماء والأرض جميعا جنة لهم .

ثم وصف الجنة بالسعة ووصف النار بالضيق حيث [ قوله تعالى ]{[20663]} : { وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقربين دعوا هنالك ثبورا } [ الفرقان : 13 ] وذلك أنه ليس في فضل النار على قدر المجعول عذابا لم يصل إلى المعذب بها فائدة ، فضيقت ، وفضل الجنة على قدر الحاجة لذة وسرور ومنفعة ، فوسعت لذلك ، والله أعلم .

ثم أخبر أنها { أعدت للذين آمنوا بالله ورسله } والإيمان بالله تعالى ، هو أن نصدق كل شيء يشهد على وحدانية الله وألوهيته ، والإيمان برسله ، هو أن نصدقهم في ما أخبروا عن الله تعالى . وكل صاحب كبيرة مصدق بالذي ذكرنا ، هو{[20664]} مؤمن ، وذلك على المعتزلة .

وقوله تعالى : { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } دلت الآية أن ما يعطي من الثواب لعبيده فضل منه ، وأن ما سماه جزاء وأجرا لسابق منه إليهم من الإحسان والنعم ما يصير تلك الأفعال ، وإن كثرت ، شكرا لأدنى نعمة ، وإن طال عمره ، فكيف يستوجب الجزاء والثواب على تلك الأعمال ؟ [ ولكن بفضله ورحمته يجعل لتلك الأعمال ]{[20665]} ثوابا وجزاء ، والله الموفق .


[20661]:الواو ساقطة من الأصل.
[20662]:في الأصل و م: فيها حيث.
[20663]:من م، ساقطة من الأصل.
[20664]:في الأصل و م: فهو.
[20665]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م.