المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

43- وهو الذي يتعهدكم برحمته ولطفه ، وملائكته تطلب المغفرة والهداية لكم ، ليخرجكم الله بذلك من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإيمان والطاعة ، وكان الله بالمؤمنين عظيم الرحمة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * }

أي : من رحمته بالمؤمنين ولطفه بهم ، أن جعل من صلاته عليهم ، وثنائه ، وصلاة ملائكته ودعائهم ، ما يخرجهم من ظلمات الذنوب والجهل ، إلى نور الإيمان ، والتوفيق ، والعلم ، والعمل ، فهذه أعظم نعمة ، أنعم بها على العباد الطائعين ، تستدعي منهم شكرها ، والإكثار من ذكر اللّه ، الذي لطف بهم ورحمهم ، وجعل حملة عرشه ، أفضل الملائكة ، ومن حوله ، يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا فيقولون : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

فهذه رحمته ونعمته عليهم في الدنيا .

وأما رحمته بهم في الآخرة ، فأجل رحمة ، وأفضل ثواب ، وهو الفوز برضا ربهم ، وتحيته ، واستماع كلامه الجليل ، ورؤية وجهه الجميل ، وحصول الأجر الكبير ، الذي لا يدري ولا يعرف كنهه ، إلا من أعطاهم إياه ، ولهذا قال : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

وقوله : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ } : هذا تهييج إلى الذكر ، أي : إنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم ، كقوله تعالى : { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ . فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } [ البقرة : 151 ، 152 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله : مَنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومَنْ ذكرني في مَلأ ذكرته في ملأ خير منهم " {[23619]}

والصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة ، حكاه البخاري عن أبي العالية . ورواه أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عنه .

وقال غيره : الصلاة من الله : الرحمة [ ورد بقوله : { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } ] {[23620]}

وقد يقال : لا منافاة بين القولين والله أعلم .

وأما الصلاة من الملائكة ، فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار{[23621]} ، كقوله : { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ } الآية . [ غافر : 7 - 9 ] .

وقوله : { لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : بسبب رحمته بكم وثنائه عليكم ، ودعاء ملائكته لكم ، يخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين . { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } أي : في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا : فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم ، وبَصّرهم الطريق الذي ضَلَّ عنه وحاد عنه من سواهم من الدعاة إلى الكفر أو البدعة وأشياعهم {[23622]} من الطغام{[23623]} . وأما رحمته بهم في الآخرة : فآمنهم من الفزع الأكبر ، وأمر ملائكته يتلقونهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم .

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق ، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ ، فأقبلت تسعى وتقول : ابني ابني ، وَسَعَت فأخذته ، فقال القوم : يا رسول الله ، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار . قال : فَخَفَّضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " ولا الله{[23624]} ، لا يلقي حبيبه في النار " .

إسناده على شرط الصحيحين ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة{[23625]} ، ولكن في صحيح الإمام البخاري ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها ، فألصقته إلى صدرها ، وأرضعته فقال : " أترون هذه تلقي ولدها في النار وهي تقدر على ذلك ؟ " قالوا : لا . قال : " فوالله ، لله أرحم بعباده من هذه بولدها " {[23626]} .


[23619]:- رواه البخاري في صحيحه برقم (7405) ومسلم في صحيحه برقم (2675) من حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه.
[23620]:- زيادة من ت.
[23621]:- في ت: "والاستغفار إليهم".
[23622]:- في ت ، أ: "وأتباعهم".
[23623]:- في أ: "الطغاة".
[23624]:- في أ: "لا والله".
[23625]:- المسند (3/104).
[23626]:- صحيح البخاري برقم (5999).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

{ هو الذي يصلي عليكم } بالرحمة . { وملائكته } بالاستغفار لكم والاهتمام بما يصلحكم ، والمراد بالصلاة المشترك وهو العناية بصلاح أمركم وظهور شرفكم مستعار من الصلو . وقيل الترحم والانعطاف المعنوي مأخوذ من الصلاة المشتملة على الانعطاف الصوري الذي هو الركوع والسجود ، واستغفار الملائكة ودعاؤهم للمؤمنين ترحم عليه سيما وهو السبب للرحمة من حيث إنهم مجابو الدعوة . { ليخرجكم من الظلمات إلى النور } من ظلمات الكفر والمعصية إلى نوري الإيمان والطاعة . { وكان بالمؤمنين رحيما } حيث اعتنى بصلاح أمرهم وإنافة قدرهم واستعمل في ذلك ملائكته المقربين .