قوله : { هُوَ الذي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ } الصلاة من الله الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار للمؤمنين فذكر صلاته تحريضاً للمؤمنين على الذكر{[43654]} والتسبيح ، قال السدي : قالت{[43655]} بنو إسرائيل لموسى : أيصلي ربنا ؟ فكَبُرَ هذا الكلام على موسى فأوحى الله إليه قل لهم : إنِّي أصلي وإن صلاتي رحمتي وقد وسعت رحمتي كُلَّ شيء . وقيل : الصلاة من الله هي إشاعة الذكر الجميل له في عباده ، وقيل : الثناء عليه . قال أنس : لما نزلت إن الله وملائكته يصلون على النبي قال أبو بكر : ما خَصَّك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فأنزل الله عز وجل هذه{[43656]} الآية .
قوله : «ومَلاَئِكَتُهُ » إما عطف على فاعل «يصلي » ، وأغنى الفصل بالجار عن التأكيد بالضمير{[43657]} ، وهذا عند من يرى الاشتراك أو القدر المشترك أو المجاز{[43658]} ؛ لأن صلاة الله غير صلاتهم . وإما مبتدأ وخبره محذوف ، أي «وملائكته يصلون » وهذا عند من يرى شيئاً مما تقدم جائزاً إلا أن فيه بحثاً ، وهو أنهم نصوا على أنه إذا اختلف مدلولا الخبرين فلا يجوز حذف أحدهما لدلالة الآخر عليه وإن كانا بلفظ واحد ، فلا تقول : «زَيْدٌ ضَاربٌ وَعَمرٌو » يعني وعمرو ضاربٌ في الأرضِ أي مُسِافِرٌ{[43659]} .
الصلاة من الله رحمة ، ومن الملائكة استغفار ، فقيل : إن اللفظ المشترك يجوز استعماله في مَعْنَيَيْهِ معاً وكذلك الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ جائز . قال ابن الخطيب{[43660]} : وينسب هذا القول للشافعي رحمه الله ، وهو غير بعيد ؛ وذلك لأن الرحمة والاستغفار مشتركان في العناية بحال المرحوم والمستغفر له والمراد هو القدر المشترك فتكون الدلالة واحدة ، ثم قال : { لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظلمات إِلَى النور } أي من ظلمةِ الكفر إلى نور الإيمان يعنى ( أنه ){[43661]} برحمته وهدايته ودعاء الملائكة لكم أخرجكم من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان .
{ وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } وهذا بشارة لجميع المؤمنين وأشار بقوله : «يصلي عليكم » أن هذا غير مختص بالسامعين وقت الخطاب . قوله : «تَحِيَّتُهُمْ » يجوز أن يكون مصدراً مضافاً لمفعوله ، وأن يكون مضافاً لفاعله ومفعوله على معنى أن بعضهم يُحَيِّي بعصاً ، فيصح أن يكون الضمير للفاعل والمفعول باعتبارين لا أنه يكون فاعلاً ومفعولاً من وجهٍ واحد{[43662]} وهو قول من قال : { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } [ الأنبياء : 78 ] أنه مضاف للفاعل والمفعول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.