فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

{ هُوَ الذي يُصَلّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ } والصلاة من الله على العباد رحمته لهم وبركته عليهم ، ومن الملائكة الدعاء لهم والاستغفار كما قال : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [ غافر : 7 ] قال مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان : المعنى : ويأمر ملائكته بالاستغفار لكم ، والجملة مستأنفة كالتعليل لما قبلها من الأمر بالذكر والتسبيح . وقيل : الصلاة من الله على العبد هي إشاعة الذكر الجميل له في عباده . وقيل : الثناء عليه ، وعطف ملائكته على الضمير المستكن في يصلي لوقوع الفصل بقوله : { عليكم } فأغنى ذلك عن التأكيد المراد بالضمير المنفصل . والمراد بالصلاة هنا معنى مجازي يعمّ صلاة الله بمعنى الرحمة ، وصلاة الملائكة بمعنى الدعاء ؛ لئلا يجمع بين حقيقة ومجاز في كلمة واحدة ، واللام في { لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ الظلمات إِلَى النور } متعلق ب{ يصلي } ، أي يعتني بأموركم هو وملائكته ؛ ليخرجكم من ظلمات المعاصي إلى نور الطاعات ، ومن ظلمة الضلالة إلى نور الهدى ، ومعنى الآية : تثبيت المؤمنين على الهداية ودوامهم عليها ؛ لأنهم كانوا وقت الخطاب على الهداية . ثم أخبر سبحانه برحمته للمؤمنين تأنيساً لهم وتثبيتاً فقال : { وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً } وفي هذه الجملة تقرير لمضمون ما تقدّمها .

/خ48