المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

144- وخلق الله من الإبل زوجين ، ومن البقر زوجين . قل لهم يا محمد منكراً عليهم : ما علة التحريم لما حرمتم من هذه الأزواج كما تزعمون ؟ أهي كونها ذكوراً ؟ ليس كذلك ، لأنكم تحلون الذكور أحياناً ، أهي كونها إناثاً ؟ ليس كذلك لأنكم تحلون الإناث أحياناً ، أم هي اشتمال الأرحام عليها ؟ ليس كذلك لأنكم لا تحرمون الأجنة على الدوام ، وتزعمون أن هذا التحريم من عند الله ! أكنتم حاضرين حين وجه إليكم الله هذا التحريم فسمعتم نهيه ؟ لم يكن ذلك قطعاً . انتهوا عما أنتم فيه ، فهو ظلم ، وليس هناك أظلم ممن كذب على الله فنسب إليه ما لم يصدر عنه ، ولا سند له من علم يعتمد عليه ، وإنما يريد بذلك إضلال الناس . إن الله لا يوفق الظالمين إذا اختاروا طريق الباطل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

ثم ذكر في الإبل والبقر مثل ذلك . فلما بين بطلان قولهم وفساده ، قال لهم قولًا لا حيلة لهم في الخروج من تبعته ، إلا في اتباع شرع الله . { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ } أي : لم يبق عليكم إلا دعوى ، لا سبيل لكم إلى صدقها وصحتها . وهي أن تقولوا : إن الله وصَّانا بذلك ، وأوحى إلينا كما أوحى إلى رسله ، بل أوحى إلينا وحيا مخالفا لما دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب ، وهذا افتراء لا يجهله أحد ، ولهذا قال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : مع كذبه وافترائه على الله ، قصده بذلك إضلال عباد الله عن سبيل الله ، بغير بينة منه ولا برهان ، ولا عقل ولا نقل . { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } الذين لا إرادة لهم في غير الظلم والجور ، والافتراء على الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

وهذا بيان لجهل العرب قبل الإسلام فيما كانوا حَرّموا من الأنعام ، وجعلوها أجزاءً وأنواعًا : بحيرة ، وسائبة ، ووصيلة وحامًا ، وغير ذلك من الأنواع التي ابتدعوها في الأنعام والزروع والثمار ، فبين{[11281]} أنه تعالى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ، وأنه أنشأ من الأنعام حمولة وفرشا . ثم بين أصناف الأنعام إلى غنم وهو بياض وهو الضأن ، وسواد وهو المعز ، ذكره وأنثاه ، وإلى إبل ذكورها وإناثها ، وبقر كذلك . وأنه تعالى لم يحرم شيئًا من ذلك ولا شيئًا من أولاده . بل كلها مخلوقة لبني آدم ، أكلا وركوبًا ، وحمولة ، وحلبا ، وغير ذلك من وجوه المنافع ، كما قال [ تعالى ]{[11282]} { وَأَنزلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } الآية [ الزمر : 6 ] .

وقوله : { أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنْثَيَيْنِ } رَدٌ عليهم في قولهم : { مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا }

وقوله : { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي : أخبروني عن يقين : كيف حرم الله عليكم{[11283]} ما زعمتم تحريمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك ؟

وقال العَوْفي عن ابن عباس قوله : { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ } فهذه أربعة أزواج ، { وَمِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنْثَيَيْنِ } يقول : لم أحرم شيئًا من ذلك { [ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنْثَيَيْنِ ] }

يعني : هل يشمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا ؟ ]{[11284]} { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يقول : كله حلال .

وقوله : { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا } تهكم بهم فيما ابتدعوه وافتروه على الله ، من تحريم ما حرموه من ذلك ، { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : لا أحد أظلم منه ، { إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }

وأول من دخل في هذه الآية : عمرو بن لُحَيّ بن قَمَعَة ، فإنه أول من غير دين الأنبياء ، وأول من سيب السوائب ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي ، كما ثبت ذلك في الصحيح{[11285]} .


[11281]:في أ: "وبين".
[11282]:زيادة من أ.
[11283]:في م، أ: "عليهم".
[11284]:زيادة من أ.
[11285]:سبق ذكر الحديث عند الآية: 103 من سورة المائدة وتخريجه هناك.

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذّكَرَيْنِ حَرّمَ أَمِ الاُنْثَيَيْنِ أَمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الاُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصّاكُمُ اللّهُ بِهََذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلّ النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ } .

وتأويل قوله : وَمِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذّكَرَيْنِ حَرّمَ أمِ الأُنْثَيَيْنِ أمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أرْحامُ الأنْثَيَيْنِ نحو تأويل قوله : مِنَ الضّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ وهذه أربعة أزواج ، على نحو ما بينا من الأزواج الأربعة قبل من الضأن والمعز ، فذلك ثمانية أزواج كما وصف جلّ ثناؤه .

وأما قوله : أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءِ إذْ وَصّاكُمُ اللّهُ بِهَذَا فَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على الله كَذِبا لِيُضِلّ النّاسَ بغيرِ عِلْمٍ فإنه أمر من الله جلّ ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الجهلة من المشركين الذين قصّ قصصهم في هذه الاَيات التي مضت ، يقول له عزّ ذكره : قل لهم يا محمد ، أيّ هذه سألتكم عن تحريمه حرّم ربكم عليكم من هذه الأزواج الثمانية ؟ فإن أجابوك عن شيء مما سألتهم عنه من ذلك ، فقل لهم : أخبرا قلتم إن الله حرّم هذا عليكم أخبركم به رسول عن ربكم ، أم شهدتم ربكم فرأيتموه فوصاكم بهذا الذي تقول وتردّون على الله ؟ فإن هذا الذي تقولون من إخباركم عن الله أنه حرام بما تزعمون على ما تزعمون ، لا يُعلم إلا بوحي من عنده مع رسول يرسله إلى خلقه ، أو بسماع منه ، فبأيّ هذين الوجهين علمتم أن الله حرّم ذلك كذلك برسول أرسله إليكم ؟ فأنبئوني بعلم إن كنتم صادقين أم شهدتم ربكم ، فأوصاكم بذلك وقال لكم : حرّمت ذلك عليكم ، فسمعتم تحريمه منه وعهده إليكم بذلك ؟ فإنه لم يكن واحد من هذين الأمرين . يقول جلّ ثناؤه : فمنْ أظْلمُ مِمّنِ افترَى عَلى اللّهِ كِذبا يقول : فمن أشدّ ظلما لنفسه وأبعد عن الحقّ ممن تخرّص على الله قيل الكذب وأضاف إليه تحريم ما لم يحرّم وتحليل ما لم يحلل . لِيُضِلّ النّاسَ بغيرِ عِلْمٍ يقول : ليصدّهم عن سبيله : إنّ اللّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمينَ يقول : لا يوفق الله للرشد من افترى على الله وقال عليه الزور والكذب وأضاف إليه تحريم ما لم يحرّم كفرا بالله وجحودا لنبوّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . كالذي :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ وَصّاكُمُ اللّهُ بِهَذَا الذي تقولون .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : كانوا يقولون يعني الذين كانوا يتخذون البحائر والسوائب : إن الله أمر بهذا . فقال الله : فَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا لِيُضِلّ النّاسَ بغيرِ عِلْمٍ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

{ ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين } كما سبق والمعنى إنكار أن الله حرم شيئا من الأجناس الأربعة ذكرا كان أو أنثى أو ما تحمل إناثها ردا عليهم ، فإنهم كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة وإناثها تارة أخرى وأولادها كيف كانت تارة زاعمين أن الله حرمها . { أم كنتم شهداء } بل أكنتم شاهدين حاضرين . { إذ وصاكم الله بهذا } حين وصاكم بهذ التحريم إذ أنتم لا تؤمنون بنبي فلا طريق لكم إلى معرفة أمثالي ذلك إلا المشاهدة والسماع . { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا } فنسب إليه تحريم ما لم يحرم ، والمراد كبراؤهم المقررون لذلك ، أو عمرو بن لحي بن قمعة المؤسس لذلك . { ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .