الآية 144 وقال في الآية التي تليها { أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا } أي بتحريمها أي ليس{[7862]} لكم شهداء على تحريم ما تحرمون لا من جهة كتاب ولا رسول ولا استدلال ؛ لأن العلوم ثلاثة : علم استدلال ، وهو علم العقل ، وعلم المشاهدة والعيان ، وهم علم الحس ، وعلم السمع والخبر . فيخبر أنه ليس لهم من هذه العلوم شيء .
أما علم الاستدلال فلا عقل يدل على تحريم ما حرمتم ، ولا [ لكم ]{[7863]} علم مشاهدة ؛ لأنكم لم تشاهدوا الله حرم ذلك ، ولا [ لهم ]{[7864]} علم من جهة السمع والخبر ؛ لأنهم لا يؤمنون بالكتب ، ولا صدقوا الرسل ، فيقولوا : أخبرنا الرسل بتحريم ذلك ، أو وجدنا في الكتب حرمتها ، فبهتوا في ذلك وضجروا .
وفي الآية دلالة إثبات رسالة محمد ونبوته صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا لا يحرمون هذه الأشياء ظاهرا في ما بينهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نشأ بين أظهرهم منذ أن كان صغيرا إلى كبره ، وعرفوا أنه لم يختلف إلى أحد ، عرف ذلك ، ثم أخبره{[7865]} الله عز وجل ما حرموا فساد ما صنعوا ليدلهم أنه إنما عرف ذلك بالله ، وبه علم حل ما حرموا وحرمة ما أحلوا لا بأخذ من الخلائق .
وقوله تعالى : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا } أي لا أحد { أظلم ممن افترى على الله كذبا } لأنه هو الذي أنشأهم ، وأنشأ لهم جميع ما يحتاجون إليه ، ويقضون حوائجهم ، وبه كانت{[7866]} جميع نعمهم التي يتنعمون ، ويتقلبون فيها ، فلا أحد { أظلم ممن افترى على الله كذبا } فقال : حرم كذا ، ولم يكن حرم ، أو أمر بكذا ، ولم يكن أمر . ألا ترى أنه قال عز وجل : { ومن أصدق من الله حديثا } ؟ [ النساء : 87 ] [ وقال : ]{[7867]} { ومن أصدق من الله قيلا } ؟ [ النساء : 122 ] فكما لم يكن أحد أصدق منه حديثا ، فعلى ذلك لا أحد { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا } بعد علمه أنه هو الفاعل لذلك كله ، وهو المنشئ ما ذكر .
وقوله تعالى : { فمن أظلم } في الظاهر استفهام ، ولكن في الحقيقة إيجاب ؛ لأنه لا يحتمل الاستعظام ؛ كأنه قال : لا أحد أفحش ظلما { ممن افترى على الله كذبا } على الإيجاب .
وقوله تعالى : { ليضل الناس بغير علم } لأنه يقصد بالافتراء على الله قصد إضلال الناس وإغوائهم .
[ وقوله تعالى ]{[7868]} : { إن الله لا يهدي القوم الظالمين } أي لا يهدي وقت اختيارهم الكفر والظلم . وقيل : لا يهدي القوم الذين في علمه أنهم يجتمعون بالكفر . ويحتمل : لا يهديهم إذا كانوا هم عند الله ظلمة كفرة ، وإن كانوا عند أنفسهم عدولا على الحق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.