الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

{ وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ } .

وذلك أنّهم كانوا يقولون هذه أنعام [ وحرث حجر ] ، وقالوا : أمّا في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرّم على أزواجنا ، فحرّموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام . " فلما قام الإسلام وثبتت الأحكام جادلوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وكان خطيبهم يومئذ مالك بن عوف وأبو النضر [ النصري ] فقال :يا محمد [ رأينا ] أنّك تحرّم ما كان أباؤنا يفعلونه ؟

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم قد حرّمتم أصنافاً من النعم على [ غير . . . . . . . . ] إن الله خلق هذه الأزواج الثمانية للأكل والانتفاع بها فمن أين حرمت ذكران هذه النعم على نسائكم دون رجالكم ؟

فإن زعمتم أن تحريمه من أجل الذكران وجب أن تحرموا كل ذكر ، لأن للذكر فيها حظاً ، وإن زعمتم أنّ تحريمه من جهة الأنثى وجب أن تحرموا كل انثى لأن للأناث فيها حظّاً ، وإن زعمتم أن تحريمه لإجتماع الذكر والأنثى فيه وما اشتمل الرحم عليه وجب أن تحرّموا الذكر والأنثى والحي والميّت ، لأنَّه لا يكون ولد إلاّ من ذكر وأنثى ولا يشتمل الرحم إلاّ على ذكر وأنثى ، فَلِم تحرمون بعضاً وتحّلون بعضاً ؟ فسكت . فلما لزمته الحجّة أخذ بالإفتراء على الله فقال : كذا أمرنا الله فقال الله تعالى { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ } [ حضوراً ] { إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا } " .

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } .