فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

قوله : { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وصاكم الله بهذا } أم هي المنقطعة ، والاستفهام للإنكار ، وهي بمعنى بل والهمزة ، أي بل أكنتم شهداء حاضرين مشاهدين إذ وصاكم الله بهذا التحريم . والمراد التبكيت وإلزام الحجة كما سلف قبله . قوله : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا } أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً فحرّم شيئاً لم يحرّمه الله ، ونسب ذلك إليه افتراء عليه كما فعله كبراء المشركين ، واللام في { لِيُضِلَّ الناس بِغَيْرِ عِلْمٍ } للعلة ، أي لأجل [ أن ] يضل الناس بجهل ، وهو متعلق بافترى { إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } على العموم . وهؤلاء المذكورون في السياق داخلون في ذلك دخولاً أوّلياً ، وينبغي أن ينظر في وجه تقديم المعز والضأن على الإبل والبقر مع كون الإبل والبقر أكثر نفعاً وأكبر أجساماً وأعود فائدة ، لا سيما في الحمولة والفرش اللذين وقع الإبدال منهما على ما هو الوجه الأوضح في إعراب ثمانية .

/خ144