السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمِنَ ٱلۡإِبِلِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ ٱثۡنَيۡنِۗ قُلۡ ءَآلذَّكَرَيۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ أَمَّا ٱشۡتَمَلَتۡ عَلَيۡهِ أَرۡحَامُ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۖ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ وَصَّىٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَٰذَاۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (144)

{ ومن الإبل اثنين } ذكراً أو أنثى { ومن البقر اثنين } كذلك { قل } يا محمد لهؤلاء الذين اختلفوا جهلاً وسفهاً { آلذكرين حرم } الله عليكم { أم الأنثيين } منهما { أما } أي : أم حرّم ما { اشتملت } أي : انضمت { عليه أرحام } الأنثيين ذكراً كان أو أنثى { أم كنتم } أي : بل أكنتم { شهداء } أي : حاضرين { إذ وصاكم الله بهذا } أي : حين وصاكم بهذا التحريم إذا أنتم لا تؤمنون بي فلا طريق لكم إلى معرفة أمثال ذلك إلا بالمشاهدة والسماع فكيف تثبتون هذه الأحكام وتنسبونها إلى الله تعالى .

ولما احتج عليهم بهذه الحجة وبيّن أنه لا سند لهم في ذلك قال تعالى : { فمن } أي : لا أحد { أظلم ممن افترى } أي : تعمد { على الله كذباً } كعمرو بن لحي فإنه أوّل من بحر البحائر وسيب السوائب وغير دين إبراهيم عليه السلام ويدخل في هذا الوعيد كل من كان على طريقته أو ابتدأ شيئاً لم يأمر الله به ولا رسوله ونسب ذلك إلى الله تعالى لأن اللفظ عام فلا وجه للتخصيص فكل من أدخل في دين الله ما ليس منه فهو داخل في هذا الوعيد { ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } أي : لا يرشد ولا يوفق من كذب عليه وأضاف إليه ما لم يشرع لعباده .