61- وإن مآل الأعداء عن جانب الحرب إلى جانب السلم ، فاجنح لها - أيها الرسول - فليست الحرب غرضاً مقصودا لذاته عندك إنما أنت قاصد بها الدفاع لعدوانهم ، وتحديهم لدعوتك . فاقبل السلم منهم ، وتوكل على اللَّه ، ولا تخف كيدهم ومكرهم إنه سبحانه هو السميع لما يتشاورون به ، العليم بما يدبرون ويأتمرون ، فلا يخفي عليه شيء{[78]} .
{ 61 - 64 ْ } { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ْ }
يقول تعالى : { وَإِنْ جَنَحُوا ْ } أي : الكفار المحاربون ، أي : مالوا { لِلسَّلْمِ ْ } أي : الصلح وترك القتال .
{ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ْ } أي : أجبهم إلى ما طلبوا متوكلا على ربك ، فإن في ذلك فوائد كثيرة .
منها : أن طلب العافية مطلوب كل وقت ، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك ، كان أولى لإجابتهم .
ومنها : أن في ذلك إجماما لقواكم ، واستعدادا منكم لقتالهم في وقت آخر ، إن احتيج لذلك .
ومنها : أنكم إذا أصلحتم وأمن بعضكم بعضا ، وتمكن كل من معرفة ما عليه الآخر ، فإن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، . فكل من له عقل وبصيرة إذا كان معه إنصاف فلا بد أن يؤثره على غيره من الأديان ، لحسنه في أوامره ونواهيه ، وحسنه في معاملته للخلق والعدل فيهم ، وأنه لا جور فيه ولا ظلم بوجه ، فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له ، . فصار هذا السلم عونا للمسلمين على الكافرين .
يقول تعالى : إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء ، فإن استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم ، { وَإِنْ جَنَحُوا } أي : مالوا { لِلسَّلْمِ } أي : المسالمة والمصالحة والمهادنة ، { فَاجْنَحْ لَهَا } أي : فمل إليها ، واقبل منهم ذلك ؛ ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين ؛ أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا فضيل بن سليمان - يعني : النميري - حدثنا محمد بن أبي يحيى ، عن إياس بن عمرو الأسلمي ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه سيكون بعدى اختلاف - أو : أمر - فإن استطعت أن يكون السلم ، فافعل " {[13126]}
وقال مجاهد : نزلت في بني قريظة .
وهذا فيه نظر ؛ لأن السياق كله في وقعة بدر ، وذكرها مكتنف لهذا كله .
وقول ابن عباس ، ومجاهد ، وزيد بن أسلم ، وعطاء الخراساني ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة : إن هذه الآية منسوخة بآية السيف في " براءة " : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ } الآية [ التوبة : 29 ] فيه نظر أيضًا ؛ لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك ، فأما إذا كان العدو كثيفًا ، فإنه تجوز مهادنتهم ، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص ، والله أعلم .
وقوله : { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } أي : صالحهم وتوكل على الله ، فإن الله كافيك وناصرك ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.