فلما لم يؤمنوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ولم تنفعهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ولهذا قال هنا : { فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً } أي : يتقربون إليهم ويتألهونهم لرجاء نفعهم .
{ بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ } فلم يجيبوهم ولا دفعوا عنهم ، { وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } من الكذب الذي يمنون به أنفسهم حيث يزعمون أنهم على الحق وأن أعمالهم ستنفعهم فضلت وبطلت .
وهنا يلفتهم إلى الحقيقة الواقعة . فقد دمر الله على المشركين قبلهم وأهلكهم دون أن تنجيهم آلهتهم التي كانوا يتخذونها من دون الله ، زاعمين أنهم يتقربون بها إليه . سبحانه . وهي تستنزل غضبه ونقمته : ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة ) .
إنهم لم ينصروهم ( بل ضلوا عنهم ) . . وتركوهم وحدهم لا يعرفون طريقا إليهم أصلا ، فضلا على أن يأخذوا بيدهم وينجدوهم من بأس الله .
( وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ) . .
فهو إفك . وهو افتراء . وذلك مآله . وتلك حقيقته . . الهلاك والتدمير . . فماذا ينتظر المشركون الذين يتخذون من دون الله آلهة بدعوى أنها تقربهم من الله زلفى ? وهذه هي العاقبة وهذا هو المصير ?
وقوله : { فلولا نصرهم } الآية يعني هلا نصرتهم أصنامهم التي اتخذوها . و : { قرباناً } إما أن يكون المفعول الثاني ب { اتخذوا } و : { آلهة } بدل منه ، وإما أن يكون حالاً . و : { آلهة } المفعول الثاني ، والمفعول الأول هو الضمير العائد على : { الذين } التقدير : اتخذوهم . وقوله تعالى : { بل ضلوا عنهم } معناه : انتلفوا لهم حتى لم يجدوهم في وقت حاجة .
وقوله : { وذلك } الإشارة به تختلف بحسب اختلاف القراءات في قوله : { إفكهم } فقرأ جمهور القراء «إفْكُهم » بكسر الهمزة وسكون الفاء وضم الكاف ، فالإشارة ب { ذلك } على هذه القراءة إلى قولهم في الأصنام إنها آلهة ، وذلك هو اتخاذهم إياها ، وكذلك هي الإشارة في قراءة من قرأ : «أفَكهم » بفتح الهمزة ، وهي لغة في الإفك ، وهما بمعنى الكذب ، وكذلك هي الإشارة في قراءة من قرأ : «أفَكهم » بفتح الهمزة : والفاء على الفعل الماضي ، بمعنى صرفهم ، وهي قراءة ابن عباس وأبي عياض وعكرمة وحنظلة بن النعمان . وقرأ أبو عياض أيضاً وعكرمة فيما حتى الثعلبي : «أفّكَهم » بشد الفاء وفتح الهمزة والكاف ، وذلك على تعدية الفعل بالتضعيف . وقرأ عبد الله بن الزبير : «آفَكَهم » بالمد وفتح الفاء والكاف على التعدية بالهمزة . قال الزجاج : معناه جعلهم يأفكون كما يقال أكفرهم . وقرأ ابن عباس فيما روى قطرب : «آفِكُهم » بفتح الهمزة والمد وكسر الفاء وضم الكاف على وزن فاعل ، بمعنى : صارفهم .
وحكى الفراء أنه يقرأ : «أفَكُهم » بفتح الهمزة والفاء وضم الكاف ، وهي لغة في الإفك ، والإشارة ب { ذلك } على هذه القراءة التي ليست مصدراً يحتمل أن تكون إلى الأصنام . وقوله : { وما كانوا يفترون } ، ويحتمل أن تكون { ما } مصدرية فلا يحتاج إلى عائد ، ويحتمل أن تكون بمعنى الذي ، فهناك عائد محذوف تقديره : يفترونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.