ثم ذكر سبحانه أنه لم ينصرهم من عذاب الله ناصر ، فقال : { فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله قُرْبَاناً ءالِهَةَ } أي فهلا نصرهم آلهتهم التي تقرّبوا بها بزعمهم إلى الله لتشفع لهم حيث قالوا : { هَؤُلاء شفعاؤنا عِندَ الله } [ يونس : 18 ] ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم . قال الكسائي : القربان : كل ما يتقرّب به إلى الله من طاعة ونسيكة ، والجمع قرابين ، كالرهبان والرهابين ، وأحد مفعولي { اتخذوا } ضمير راجع إلى الموصول ، والثاني آلهة ، و { قرباناً } حال ، ولا يصح أن يكون قرباناً مفعولاً ثانياً ، و { آلهةً } بدلاً منه لفساد المعنى ، وقيل : يصح ذلك ولا يفسد المعنى ، ورجحه ابن عطية ، وأبو البقاء ، وأبو حيان ، وأنكر أن يكون في المعنى فساد على هذا الوجه { بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ } أي غابوا عن نصرهم ، ولم يحضروا عند الحاجة إليهم ، وقيل : بل هلكوا ، وقيل : الضمير في ضلوا راجع إلى الكفار : أي تركوا الأصنام وتبرءوا منها ، والأوّل أولى ، والإشارة بقوله : { وَذَلِكَ } إلى ضلال آلهتهم . والمعنى : وذلك الضلال والضياع أثر { إِفْكِهِمْ } الذي هو اتخاذهم إياها آلهةً وزعمهم أنها تقرّبهم إلى الله . قرأ الجمهور { إفكهم } بكسر الهمزة ، وسكون الفاء مصدر أفك يأفك إفكاً : أي كذبهم . وقرأ ابن عباس ، وابن الزبير ، ومجاهد بفتح الهمزة والفاء والكاف على أنه فعل : أي ذلك القول صرفهم عن التوحيد . وقرأ عكرمة بفتح الهمزة وتشديد الفاء : أي صيرهم آفكين . قال أبو حاتم : يعني قلبهم عما كانوا عليه من النعيم ، وروي عن ابن عباس أنه قرأ بالمدّ وكسر الفاء بمعنى صارفهم { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } معطوف على { إفكهم } : أي وأثر افترائهم ، أو أثر الذي كانوا يفترونه . والمعنى : وذلك إفكهم : أي كذبهم الذي كانوا يقولون إنها تقرّبهم إلى الله ، وتشفع لهم { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي يكذبون أنها آلهة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.