المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

129- فقال القوم في حزن وضعف : نحن نالنا الأذى قديماً من فرعون قبل مجيئك إلينا ، وحديثا من بعد مجيئك . فقتح موسى لهم باب الأمل وقال لهم : إن المرجو من فضل - ربكم - أن يهلك عدوكم الذي سخركم وآذاكم بظلمه ، ويجعلكم خلفاء الأرض التي وعدكم إياها ، فيعلم سبحانه ما أنتم عاملون بعد هذا التمكين : أتشكرون النعمة أم تكفرون ؟ وتصلحون في الأرض أم تفسدون ؟ ليجزيكم في الدنيا والآخرة بما تعملون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

{ قَالُوا } لموسى متضجرين من طول ما مكثوا في عذاب فرعون ، وأذيته : { أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا } فإنهم يسوموننا سوء العذاب ، يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا { وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } كذلك ف { قَالَ } لهم موسى مرجيا [ لهم ]{[326]} الفرج والخلاص من شرهم : { عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ } أي : يمكنكم فيها ، ويجعل لكم التدبير فيها { فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } هل تشكرون أم تكفرون ؟ . وهذا وعد أنجزه اللّه لما جاء الوقت الذي أراده اللّه .

قال اللّه تعالى في بيان ما عامل به آل فرعون في هذه المدة الأخيرة ، أنها على عادته وسنته في الأمم ، أن يأخذهم بالبأساء والضراء ، لعلهم يضرعون .


[326]:- زيادة من هامش ب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

103

ولكن إسرائيل هي إسرائيل !

( قالوا : أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ) :

إنها كلمات ذات ظل ! وإنها لتشي بما وراءها من تبرم ! أوذينا قبل مجيئك وما تغير شيء بمجيئك . وطال هذا الأذى حتى ما تبدو له نهاية !

ويمضي النبي الكريم على نهجه . يذكرهم بالله ، ويعلق رجاءهم به ، ويلوح لهم بالأمل في هلاك عدوهم . واستخلافهم في الأرض . مع التحذير من فتنة الاستخلاف .

( قال : عسى ربكم أن يهلك عدوكم ، ويستخلفكم في الأرض ، فينظر كيف تعملون ) .

إنه ينظر بقلب النبي فيرى سنة الله ، تجري وفق وعده ، للصابرين ، وللجاحدين ! ويرى من خلال سنة الله هلاك الطاغوت وأهله ، واستخلاف الصابرين المستعينين بالله وحده . فيدفع قومه دفعاُ إلى الطريق لتجري بهم سنة الله إلى ما يريد . . وهو يعلمهم - منذ البدء - أن استخلاف الله لهم إنما هو ابتلاء لهم . ليس أنهم أبناء الله وأحباؤه - كما زعموا - فلا يعذبهم بذنوبهم ! وليس جزافاً بلا غاية . وليس خلوداً بلا توقيت . إنه استخلاف للامتحان : ( فينظر كيف تعملون ) . . وهو سبحانه يعلم ماذا سيكون قبل أن يكون . ولكنها سنة الله وعدله ألا يحاسب البشر حتى يقع منهم في العيان ، ما هو مكشوف من الغيب لعلمه القديم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُوَاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : قال قوم موسى لموسى حين قال لهم استعينوا بالله واصبروا : أُوذِينا بقتل أبنائنا مِنْ قبلِ أنْ تأْتِيَنا يقول : من قبل أن تأتينا برسالة الله إلينا لأن فرعون كان يقتل أولادهم الذكور حين أظله زمان موسى على ما قد بينت فيما مضى من كتابنا هذا . وقوله : وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا يقول : ومن بعد ما جئتنا برسالة الله ، لأن فرعون لما غُلبت سحرته وقال للملأ من قومه ما قال ، أراد تجديد العذاب عليهم بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم . وقيل : إن قوم موسى قالوا لموسى ذلك حين خافوا أن يدركهم فرعون وهم منه هاربون ، وقد تراءى الجمعان ، ف قالوا له يا موسى أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أنْ تَأْتيَنا كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ، وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل االتأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : مِنْ قَبْلِ أنْ تَأْتِيَنا من قبل إرسال الله إياك وبعده .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : فلما تراءى الجمعان فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردفهم ، قالوا : إنّا لمُدْرَكُونَ وقالوا : أو ذِيَنا مِنْ قَبْلِ أنْ تَأْتِيَنَا . كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا . ومِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنَا اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا ، إنّا لَمُدْرَكُونَ .

حدثني عبد الكريم ، قال : حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا أبو سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : سار موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر ، فالتفتوا فإذا هم برَهْج دوابّ فرعون ، فقالوا : يا موسى أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ، هذا البحر أمامنا وهذا فرعون بمن معه قال عَسَى رَبكُمْ أنْ يَهْلِكَ عَدْوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ في الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ .

وقوله : قالَ عَسَى رَبّكُمْ أنْ يُهْلكَ عَدُوّكُمْ يقول جلّ ثناؤه : قال موسى لقومه : لعلّ ربكم أن يهلك عدوّكم : فرعون وقومه ، ويَسْتَخْلِفَكُمْ يقول : يجعلكم تخلفونهم في أرضهم بعد هلاكهم ، لا تخافونهم ولا أحدا من الناس غيرهم فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ يقول : فيرى ربكم ما تعملون بعدهم من مسارعتكم في طاعته وتثاقلكم عنها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

{ قالوا } أي بنوا إسرائيل . { أوذينا من قبل أن تأتينا } بالرسالة بقتل الأبناء { ومن بعد ما جئتنا } بإعادته . { قال عسى ربكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض } تصريحا لما كنى عنه أولا لما رأى أنهم لم يتسلوا بذلك ، ولعله أتى بفعل الطمع لعدم جزمه بأنهم المستخلفون بأعيانهم أو أولادهم . وقد روي أن مصر إنما فتح لهم في زمن داود عليه السلام . { فينظر كيف تعملون } فيرى ما تعملون من شكر وكفران وطاعة وعصيان فيجاريكم على حسب ما يوجد منكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أُوذِينَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِيَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (129)

وقولهم : { من قبل أن تأتينا } يعنون به الذبح الذي كان فالمدة التي كان فرعون يتخوف فيها أن يولد المولود الذي يخرب ملكه ، والذي من بعد مجئيه يعنون به وعيد فرعون وسائر ما كان خلال تلك المدة من الإخافة لهم ، وقال السدي وابن عباس رضي الله عنه : إنما قالت بنو إسرائيل هذه المقالة حين اتبعهم فرعون واضطرهم إلى البحر فضاقت صدورهم ورأوا بحراً أمامهم وعدواً كثيفاً وراءهم فقالوا هذه المقالة .

قال القاضي أبو محمد : وبالجملة هو كلام يجري مع المعهود من بني إسرائيل من اضطرابهم على أنبيائهم وقلة يقينهم وصبرهم على الدين واستعطاف موسى لهم بقوله : { عسى ربكم أن يهلك عدوكم } ووعده لهم بالاستخلاف في الأرض يدل على أنه يستدعي نفوساً نافرة ، ويقوي هذا الظن في بني إسرائيل سلوكهم هذه السبيل في غير قصة ، وحكى النقاش أنهم قالوا ذلك بمصر حين كلفهم فرعون من العمل ما لا يطيقون ، وروي أنه كان يكلفهم عمل الطوب ويمنعهم التبن ليشق عليهم عمله ، وقوله تعالى : { فينظر كيف تعملون } تنبيه وحض على الاستقامة ، وإن قدر هذا الوعد أنه من عند الله فيتخرج عليه قول الحسن بن أبي الحسن : { عسى } من الله واجبة ، وقداستخلفوا في مصر في زمن داود وسليمان ، وقد فتحوا بيت المقدس مع يوشع .