{ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } أي : مادتها من فضة ، [ وهي ] على صفاء القوارير ، وهذا من أعجب الأشياء ، أن تكون الفضة الكثيفة من صفاء جوهرها وطيب معدنها على صفاء القوارير .
{ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } أي : قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم ، لا تزيد ولا تنقص ، لأنها لو زادت نقصت لذتها ، ولو نقصت لم تف بريهم{[1310]} . ويحتمل أن المراد : قدرها أهل الجنة بنفوسهم بمقدار يوافق لذاتهم ، فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَوَارِيرَاْ مِن فِضّةٍ قَدّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمّىَ سَلْسَبِيلاً } .
يقول تعالى ذكره : قَوَارِيرَ في صفاء الصفاء من فضة الفضة من البياض ، كما :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : قال الحسن ، في قوله : كانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : صفاء القوارير في بياض الفضة .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله الله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : بياض الفضة في صفاء القوارير .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : أخبرنا ابن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : كانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : كان ترابها من فضة .
وقوله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : صفاء الزجاج في بياض الفضة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله : قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِن فِضّةٍ قال : لو احتاج أهل الباطل أن يعملوا إناء من فضة يرى ما فيه من خلفه ، كما يرى ما في القوارير ما قدروا عليه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : هي من فضة ، وصفاؤها : صفاء القوارير في بياض الفضة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قَوَارِيرَ مِنْ فِضّة قال : على صفاء القوارير ، وبياض الفضة .
وقوله : قَدّرُوها تَقْدِيرا يقول : قدّروا تلك الاَنية التي يُطاف عليهم بها تقديرا على قَدْر رِيّهم لا تزيد ولا تنقص عن ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : قدّرُوها تَقْدِيرا قال : قُدّرت لريّ القوم .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : قَدّرُوها تَقْدِيرَا قال : قدر رِيّهم .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمر بن عبيد ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قَدّرُوها تَقْدِيرا قال : لا تنقص ولا تفيض .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قَدّرُوها تَقْدِيرا قال : لا تتْرَع فتُهَراق ، ولا ينقصون من مائها فتنقص فهي ملأى .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قَدّرُوها تَقْدِيرا لريّهم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قَدّرُوها تَقْدِيرا قدرت على ريّ القوم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : مِنْ فِضّةٍ قَدّرُوها تَقْديرا قال : قدّروها لريهم على قدر شربهم أهل الجنة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله قَدّرُوها تَقْديرا قال : ممتلئة لا تُهَراق ، وليست بناقصة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : قدّروها على قدر الكفّ . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قَدّرُوها تَقْدِيرا قال : قدرت للكفّ .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله قَدّرُوها تَقْدِيرا ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار : قَدّرُوها بفتح القاف ، بمعنى : قدّرها لهم السّقاة الذين يطوفون بها عليهم . ورُوي عن الشعبيّ وغيره من المتقدمين أنهم قرأوا ذلك بضمّ القاف ، بمعنى : قُدّرت عليهم ، فلا زيادة فيها ولا نقصان .
والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها فتح القاف ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه .
قوارير من فضة أي تكونت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة ولينها وقد نون قوارير من نون سلاسلا وابن كثير الأولى لأنها رأس الآية وقرئ قوارير من فضة على هي قوارير قدروها تقديرا أي قدروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنوه أو قدروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها أو قدر الطائفون بها المدلول عليهم بقوله يطاف شرابها على قدر اشتهائهم وقرئ قدروها أي جعلوا قادرين لها كما شاءوا من قدر منقولا من قدرت الشيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.