نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا} (16)

ولما كان هذا رأس آية ، وكان التعبير بالقارورة ربما أفهم {[70663]}أو أوهم{[70664]} أنها من الزجاج ، وكان في الزجاج من النقص سرعة الانكسار لإفراط الصلابة ، قال معيداً للفظ أول الآية الثانية ، تأكيداً للاتصاف بالصالح من أوصاف الزجاج وبياناً لنوعها : { قواريراً من فضة } أي فجمعت صفتي الجوهرين المتباينين : صفاء الزجاج وشفوفه{[70665]} وبريقه وبياض الفضة وشرفها ولينها ، وقراءة من نوّن الاثنين صارفاً ما من حقه المنع مشيرة إلى عظمتها وامتداد {[70666]}كثرتها وعلوها{[70667]} في الفضل والشرف ، وقراءة ابن كثير في الاقتصار على تنوين الأول للتنبيه على أنه رأس آية والثاني أول{[70668]} التي بعدها مع إفهام العظمة لأن الثاني إعادة للأول لما تقدم من الإفادة ، فكأنه منون ، ووقف أبو عمرو{[70669]} على الأول بالألف مع المنع من الصرف لأن ذلك كاف في الدلالة على أنه {[70670]}رأس آية{[70671]} .

ولما كان الإنسان لا يحب أن يكون الإناء ولا ما فيه من مأكول أو مشروب زائداً عن حاجته ولا ناقصاً عنها قال : { قدروها } أي في الذات والصفات { تقديراً * } أي على مقادير الاحتياج من غير زيادة ولا نقص لأن ما{[70672]} أراد كل منهم كان ، لا كلفة ولا كدر ولا نقص .


[70663]:من ظ و م، وفي الأصل: أراهم.
[70664]:من ظ و م، وفي الأصل: أراهم.
[70665]:زيد من ظ.
[70666]:من ظ و م، وفي الأصل: علوها وكثرتها.
[70667]:من ظ و م، وفي الأصل: علوها وكثرتها.
[70668]:زيد في الأصل: الآية، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70669]:من ظ و م، وفي الأصل: أبي عمرو.
[70670]:من ظ و م، وفي الأصل: رأيه.
[70671]:من ظ و م، وفي الأصل: رأيه.
[70672]:زيد في الأصل: كل، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.