المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

29- ولا تمسك يدك عن الإنفاق في الخير ، وتجعلها كأنها مربوطة في عنقك بِغِلٍّ من الحديد لا تقدر على مدها ، ولا تبسطها كل البسط بالإسراف في الإنفاق ، فتصير مذموماً على الإمساك نادماً أو منقطعاً لا شيء عندك بسبب التبذير والإسراف .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

وقال هنا : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ } كناية عن شدة الإمساك والبخل .

{ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ } فتنفق فيما لا ينبغي ، أو زيادة على ما ينبغي .

{ فَتَقْعُدَ } إن فعلت ذلك { مَلُومًا } أي : تلام على ما فعلت { مَحْسُورًا } أي : حاسر اليد فارغها فلا بقي ما في يدك من المال ولا خلفه مدح وثناء .

وهذا الأمر بإيتاء ذي القربى مع القدرة والغنى ، فأما مع العدم أو تعسر النفقة الحاضرة فأمر تعالى أن يردوا ردا جميلا فقال : { إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، إنه كان بعباده خبيرا بصيرا }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

22

وبمناسبة التبذير والنهي عنه يأمر بالتوسط في الإنفاق كافة :

( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) . .

والتوازن هو القاعدة الكبرى في النهج الإسلامي ، والغلو كالتفريط يخل بالتوازن . والتعبير هنا يجري على طريقة التصوير ؛ فيرسم البخل يدا مغلولة إلى العنق ، ويرسم الإسراف يدا مبسوطة كل البسط لا تمسك شيئا ، ويرسم نهاية البخل ونهاية الإسراف قعدة كقعدة الملوم المحسور . والحسير في اللغة الدابة تعجز عن السير فتقف ضعفا وعجزا . فكذلك البخيل يحسره بخله فيقف . وكذلك المسرف ينتهي به سرفه إلى وقفة الحسير . ملوما في الحالتين على البخل وعلى السرف ، وخير الأمور الوسط .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

القول في تأويل قوله تعالى { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىَ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مّحْسُوراً } .

وهذا مثلٌ ضربه الله تبارك وتعالى للممتنع من الإنفاق في الحقوق التي أوجبها في أموال ذوي الأموال ، فجعله كالمشدودة يده إلى عنقه ، الذي لا يقدر على الأخذ بها والإعطاء .

وإنما معنى الكلام : ولا تمسك يا محمد يدك بخلاً عن النفقة في حقوق الله ، فلا تنفق فيها شيئا إمساك المغلولة يده إلى عنقه ، الذي لا يستطيع بسطها وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يقول : ولا تبسطها بالعطية كلّ البسط ، فتَبقى لا شيء عندك ، ولا تجد إذا سئلت شيئا تعطيه سائلك فَتَقْعُدَ مَلُوما مَحْسُورا يقول : فتقعد يلومك سائلوك إذا لم تعطهم حين سألوك ، وتلومك نفسك على الإسراع في مالك وذهابه ، محسورا يقول : مَعِيبا ، قد انقُطِع بك ، لا شيء عندك تنفقه . وأصله من قولهم للدابة التي قد سير عليها حتى انقَطَع سيرها ، وكلّت ورَزحَت من السير ، بأنه حَسِير . يقال منه : حَسَرْت الدابة فأنا أحسِرُها ، وأحسُرها حَسْرا ، وذلك إذا أنضيته بالسير وحَسَرته بالمسألة إذا سألته فألحفت وحَسَرَ البصرُ فهو يَحْسِر ، وذلك إذا بلغ أقصى المنظر فكَلّ . ومنه قوله عزّ وجلّ : يَنْقَلِبْ إلَيْكَ البَصَرُ خاسِئا وَهُوَ حَسِيرٌ ( الملك : 4 وكذلك ذلك في كلّ شيء كَلّ وأزحف حتى يَضْنَى . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا هودة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ قال : لا تجعلها مغلولة عن النفقة وَلا تَبْسُطْها : تبذّر بسرف .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يوسف بن بهز ، قال : حدثنا حوشب ، قال : كان الحسن إذا تلا هذه الاَية وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوما مَحْسُورا يقول : لا تطفّف برزقي عن غير رضاي ، ولا تضعْه في سُخْطي فأسلُبَك ما في يديك ، فتكون حسيرا ليس في يديك منه شيء .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقُك وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوما محْسُورا يقول هذا في النفقة ، يقول لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ يقول : لا تبسطها بالخير وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يعني التبذير فَتَقْعُدَ مَلُوما يقول : يلوم نفسه على ما فات من ماله مَحْسُورا يعني : ذهب ماله كله فهو محسور .

حدثني علي ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله وَلا تجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ يعني بذلك البخل .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ أي لا تمسكها عن طاعة الله ، ولا عن حقه وَلا تبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يقول : لا تنفقها في معصية الله ، ولا فيما يصلح لك ، ولا ينبغي لك ، وهو الإسراف . قوله فَتَقْعُدَ مَلُوما مَحْسُورا قال : ملوما في عباد الله ، محسورا على ما سلف من دهره وفرّط .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ قال : في النفقة ، يقول : لا تمسك عن النفقة وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يقول : لا تبذر تبذيرا فَتَقْعُدَ مَلُوما في عباد الله مَحْسُورا يقول : نادما على ما فرط منك .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : لا تمسك عن النفقة فيما أمرتك به من الحق وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فيما نهيتك فَتَقْعُدَ مَلُوما قال : مذنبا مَحْسُورا قال : منقطعا بك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً إلى عُنُقِكَ قال : مغلولة لا تبسطها بخير ولا بعطية وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ في الحق والباطل ، فينفَذ ما معك ، وما في يديك ، فيأتيك من يريد أن تعطيه فيحسر بك ، فيلومك حين أعطيت هؤلاء ، ولم تعطهم .