الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

قوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } [ 29 ] إلى قوله { وساء سبيلا } [ 32 ] .

هذا مثل ضربه الله [ عز وجل ] للممتنع من الإنفاق في طاعة الله [ عز وجل ] وفي الحقوق التي أوجبها الله [ سبحانه ] ، فجعل المانع لذلك كالمشدودة يده إلى عنقه لا يقدر على الأخذ بها{[40836]} والإعطاء{[40837]} .

والخطاب للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] والمراد به أمته ، والمعنى : ولا تمسكوا أيديكم بخلا عن النفقة في الله ، فتكونوا كالمغلولة يداه إلى عنقه ، ولا تبسطوها{[40838]} بالنفقة كل البسط{[40839]} ، فتبقون لا شيء لكم ولا تجدون{[40840]} إذا سئلتم ما تعطون سائلكم ، فتقعدون ، وأنتم ذوو لوم ، أن يلومكم سائلوكم إذا لم تعطوهم ، وتلومكم أنفسكم على الإسراف في أموالكم{[40841]} .

ومعنى { محسورا } أي : مقطوعا لا شيء معك ، هذا معنى قول ابن عباس وقتادة . وقال ابن جريج : معناه لا تمسك عن{[40842]} النفقة فيما أمرتك به ، ولا تبسطها بالإنفاق فيما نهيتك{[40843]} عنه ، " فتقعد ملوما " مذنبا " محسورا " منقطعا بك{[40844]} .

وقال ابن زيد : معناه : لا تمسك عن النفقة في الخير ، ولا تنفق في الحق والباطل ، فينفد{[40845]} ما في يديك فلا تجد ما تعطي سائلك فيلومك ، وتقول أعطيت هؤلاء ولم تعطني{[40846]} .

وقيل المعنى لا تبخل فتمنع حق الله [ عز وجل ]{[40847]} ولا تجاوز الحق الواجب{[40848]} في الإنفاق والإعطاء فيبقى قوم من السؤال يتأخرون فلا يجدون ما يأخذون { فتقعد ملوما } يلومك{[40849]} الناس الذين فاتهم العطاء " محسورا " أي منقطعا ليس معك ما تعطي .


[40836]:ط: بهما.
[40837]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/76.
[40838]:ساقط من ق.
[40839]:ق: كالبسط.
[40840]:ق: ولا يجدون.
[40841]:وهو قول ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/76.
[40842]:ق: "على".
[40843]:ق: نهيته.
[40844]:انظر: قوله في جامع البيان 15/77.
[40845]:ط: فيتنفد.
[40846]:انظر: قوله في جامع البيان 5/77.
[40847]:ساقط من ق.
[40848]:ق: "الواجب الواجب".
[40849]:ط: أي يلومك.