غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

22

{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } وهو مثل لغاية الإمساك بحيث يضيق على نفسه وأهله في سلوك سبيل الإنفاق { ولا تبسطها كل البسط } أي لا توسع في الإنفاق بحيث لا يبقى في يدك شيء . وحين نهى عن طرفي التفريط والإفراط المذمومين بقي الخلق الفاضل المسمى بالجود وهو العدل والوسط ، ثم بين غاية استعمال الطرفين قائلاً : { فتقعد ملوماً } عند الناس بالبخل { محسوراً } بالإسراف أي منقطعاً عن المقاصد بسبب الفقر . فقير محسور منقطع عن السير . ولا شك أن المال مطية الحوائج والآمال وكثيراً ما يلام الرجل على تضييع المال بالكلية وإبقاء الأهل والولد في الضر والمحنة . وعن جابر : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس أتاه صبي فقال : إن أمي تستكسيك درعاً فقال صلى الله عليه وسلم : " من ساعة إلى ساعة يظهر فعد إلينا . " فذهب إلى أمه فقالت له : قل إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك . فدخل داره ونزع قميصه وأعطاه وقعد عرياناً وأذن بلال وانتظروا فلم يخرج للصلاة فنزلت الآية . وقيل : أعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وعيينة بن حصن فجاء عباس بن مرداس وأنشأ يقول : أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع . وما كان حصن ولا حابس ، يفوقان مرادس في مجمع وما كنت دون أمرىء منهما ، ومن تضع اليوم لا يرفع . فقال صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر اقطع لسانه عني أعطه مائة من الإبل " فنزلت .

/خ40