الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر ، عن يسار بن الحكم رضي الله عنه قال : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزمن العراق ، وكان معطاء كريماً ، فقسمه بين الناس ، فبلغ ذلك قوماً من العرب ، فقالوا : أنأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنسأله ؟ فوجدوه قد فرغ منه ، فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } قال : محبوسة { ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً } يلومك الناس { محسوراً } ليس بيدك شيء .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن المنهال بن عمر وقال : بعثت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابنها فقالت : قل له اكسني ثوباً ، فقال : ما عندي شيء ، فقال : ارجع إليه فقل له اكسني قميصك ، فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاه إياه . فنزلت { ولا تجعل يدك مغلولة } الآية .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : «جاء غلام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي تسألك كذا وكذا ؟ فقال : «ما عندنا اليوم شيء » قال : فتقول لك اكسني قميصك ، فخلع قميصه فدفع إليه ، فجلس في البيت حاسراً فأنزل الله { ولا تجعل يدك مغلولة } الآية .

وأخرج ابن مردويه ، عن أبي أمامة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : وضرب بيده ، «أنفقي ما ظهر [ 7 ] كفى » قالت : إذاً لا يبقى شيء . قال ذلك : ثلاث مرات ، فأنزل الله تعالى : { ولا تجعل يدك مغلولة } الآية .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { ولا تجعل يدك مغلولة } قال : يعني بذلك البخل .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } قال : هذا في النفقة . يقول : لا تجعلها مغلولة ، لا تبسطها بخير { ولا تبسطها كل البسط } يعني التبذير { فتقعد ملوماً } يلوم نفسه على ما فاته من ماله . { محسوراً } ذهب ماله كله .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن رضي الله عنه في قوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } قال نهاه عن السرف والبخل .

وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فتقعد ملوماً محسوراً } قال : ملوماً عند الناس محسوراً من المال .

وأخرج الطستي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : { ملوماً محسوراً } قال مستحياً خجلاً قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت قول الشاعر :

ما فاد من مني يموت جوادهم *** إلا تركت جوادهم محسوراً

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الرفق في المعيشة خير من نض التجارة » .

وأخرج ابن عدي والبيهقي ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من فقه الرجل أن يصلح معيشته » قال : «وليس من حبك الدنيا طلب ما يصلحك » .

وأخرج ابن عدي والبيهقي ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من فقهك رفقك في معيشتك » .

وأخرج البيهقي ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الاقتصاد في التفقه نصف المعيشة » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : «ما عال من اقتصد » .

وأخرج ابن عدي والبيهقي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما عال مقتصد قط » .

وأخرج البيهقي ، عن عبد الله بن شبيب رضي الله عنه قال : يقال حسن التدبير مع العفاف خير من الغنى مع الإسراف .

وأخرج البيهقي ، عن مطرف رضي الله عنه قال : خير الأمور أوسطها .

وأخرج الديلمي ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «التدبير نصف المعيشة ، والتودّد نصف العقل ، والهم نصف الهرم ، وقلة العيال أحد اليسارين » .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن يونس بن عبيد رضي الله عنه قال : كان يقال : التودّد إلى الناس نصف العقل ، وحسن المسألة نصف العلم ، والاقتصاد في المعيشة يلقي عنك نصف المؤنة .