لما ذكر سبحانه أدب المنع بعد النهي عن التبذير بيّن أدب الإنفاق فقال : { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط } وهذا النهي يتناول كل مكلف ، سواء كان الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم تعريضاً لأمته وتعليماً لهم ، أو الخطاب لكل من يصلح له من المكلفين . والمراد : النهي للإنسان بأن يمسك إمساكاً يصير به مضيقاً على نفسه وعلى أهله ، ولا يوسع في الإنفاق توسيعاً لا حاجة إليه ، بحيث يكون به مسرفاً ، فهو نهى عن جانبي الإفراط والتفريط . ويتحصل من ذلك مشروعية التوسط ، وهو العدل الذي ندب الله إليه :
ولا تك فيها مُفْرِطاً أو مفَرِّطا *** كلا طرفي قصد الأمور ذميم
وقد مثّل الله سبحانه في هذه الآية حال الشحيح بحال من كانت يده مغلولة إلى عنقه ، بحيث لا يستطيع التصرّف بها ، ومثّل حال من يجاوز الحدّ في التصرف بحال من يبسط يده بسطاً لا يتعلق بسببه فيها شيء مما تقبض الأيدي عليه ، وفي هذا التصوير مبالغة بليغة . ثم بيّن سبحانه غائلة الطرفين المنهيّ عنهما فقال : { فَتَقْعُدَ مَلُومًا } عند الناس بسبب ما أنت عليه من الشح { مَحْسُوراً } بسبب ما فعلته من الإسراف ، أي : منقطعاً عن المقاصد بسبب الفقر ، والمحسور في الأصل : المنقطع عن السير ، من حسره السفر إذا بلغ منه ، والبعير الحسير : هو الذي ذهبت قوّته فلا انبعاث به ، ومنه قوله تعالى : { يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ } [ الملك : 4 ] . أي : كليل منقطع ؛ وقيل : معناه نادماً على ما سلف ، فجعله هذا القائل من الحسرة التي هي الندامة ، وفيه نظر ، لأن الفاعل من الحسرة : حسران . ولا يقال محسور إلاّ للملوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.