التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

قوله تعالى { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }

قال الطبري حدثنا محمد بن بشار ، قال ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن في قوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } قال : لا تجعلها مغلولة عن النفقة { ولا تبسطها } : تبذر : بسرف .

وسنده حسن ، وهوذة : ابن خليفة ، وعوف هو الأعرابي .

وأخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } ، يعني بذلك البخل .

وقد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من البخل ، والترغيب في النفقة ، والصدقة منها :

أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما ، فأما المنفق فلا ينفق إلا سَبَغَت -أو وَفَرَت- على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو أثره ، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها ، فهو يوسقها ولا تتسع " .

واللفظ للبخاري( الصحيح-الزكاة ، ب مثل المتصدق والبخيل رقم1443 ) ، ومسلم في( الصحيح-الزكاة ، ب مثل المنفق والبخيل رقم1021 ) ، والمعنى أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطى الثوب الذي يجر على الأرض أثر صاحبه إذا مش بمرور الذيل عليه . . . والبخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت نفسه فضاق صدره وانقبضت يداه( انظر فتح الباري3/306 ) .

وأخرج مسلم والبخاري بسنديهما عن أسماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنفقي ولا تحصي فيحصى الله عليك ولا توعي فيوعى الله عليك " .

واللفظ للبخاري : ( الصحيح-كتاب الهبة ، هبة المرأة لغير زوجها رقم2591 ) ، ومسلم في( الصحيح-الزكاة ، ب الحث على الإنفاق وكراهة الإحصاء رقم1029 ) ، والمعنى : لا تجمعي في الوعاء وتبخلي بالنفقة فتجازي بمثل ذلك( فتح الباري5/218 ) .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلقا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " .

واللفظ للبخاري( صحيح البخاري-كتاب الزكاة ، ب قول الله تعالى { فأما من أعطى واتقى } رقم1442 ) ، ومسلم( الصحيح-الزكاة ، ب في المنفق والممسك رقم1010 ) ، قال بن حجر : وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه أو تلف نفس صاحب المال والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها( فتح الباري3/305 ) .

أخرج مسلم بسنده الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تبارك وتعالى : يا بن آدم ! أَنفق أُنفق عليك " .

( الصحيح993-الزكاة ، ب الحث على النفقة ) .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } قال : في النفقة ، يقول : لا تمسك عن النفقة { لا تبسطها كل البسط } يقول : لا تبذر تبذيرا { فتقعد ملوما } في عباد الله { محسورا } يقول : نادما على ما فرط منك .

وانظر سورة الفرقان آية( 67 ) .