الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} (29)

وقوله سبحانه : { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ } [ الإسراء : 29 ] . استعارةٌ لليد المقبوضةِ عن الإنفاق جملةً ، واستعير لليد التي تستنفِذُ جميعَ ما عنْدها غايةَ البَسْطِ ضِدّ الغُلِّ ، وكلُّ هذا في إِنفاق الخير ، وأما إِنفاق الفساد ، فقليله وكثيره حرامٌ ، أو الملامة هنا لاحقةٌ ممن يطلب من المستحقين ، فلا يجدُ ما يعطى ، «والمحسورُ » الذي قد استنفدَتْ قوته ، تقولُ : حَسَرْتُ البَعِيرَ إِذا أتْعَبْتَهُ حتى لم تَبْقَ له قوة ، ومنه البَصَرِ الحَسِير .

قال ابنُ العربيِّ وهذه الآية خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، والمراد أمته ، وكثيراً ما جاء هذا المعنى في القرآن ، فإِن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا كان سيِّدَهم وواسطَتَهم إِلى ربِّهم ، عبِّر به عنهم ، على عادة العرب في ذلك . انتهى من «الأحكام » . «والحسير » هو الكالُّ .