المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَٰهَا وَٱبۡنَهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (91)

91- واذكر مع هؤلاء قصة مريم التي صانت فرجها ، فألقينا فيها سِرَّا من أسرارنا ، وجعلناها تحمل دون زوج ، وجعلنا ابنها دون أب ، فكانت هي وابنها دليلا ظاهراً علي قدرتنا في تغيير الأسباب والمسببات ، وإننا قادرون علي كل شيء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَٰهَا وَٱبۡنَهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (91)

{ 91 - 94 } { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ * إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ * وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }

أي : واذكر مريم ، عليها السلام ، مثنيا عليها مبينا لقدرها ، شاهرا لشرفها فقال : { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي : حفظته من الحرام وقربانه ، بل ومن الحلال ، فلم تتزوج لاشتغالها بالعبادة ، واستغراق وقتها بالخدمة لربها .

وحين جاءها جبريل في صورة بشر سوي تام الخلق والحسن { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا } فجازاها الله من جنس عملها ، ورزقها ولدا من غير أب ، بل نفخ فيها جبريل عليه السلام ، فحملت بإذن الله .

{ وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ } حيث حملت به ، ووضعته من دون مسيس أحد ، وحيث تكلم في المهد ، وبرأها مما ظن بها المتهمون وأخبر عن نفسه في تلك الحالة ، وأجرى الله على يديه من الخوارق والمعجزات ما هو معلوم ، فكانت وابنها آية للعالمين ، يتحدث بها جيلا بعد جيل ، ويعتبر بها المعتبرون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَٰهَا وَٱبۡنَهَآ ءَايَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (91)

48

أخيرا يذكر مريم بمناسبة ذكر ابنها عليه السلام :

( والتي أحصنت فرجها ، فنفخنا فيها من روحنا ، وجعلناها وابنها آية للعالمين ) . .

ولا يذكر هنا اسم مريم ، لأن المقصود في سلسلة الأنبياء هو ابنها - عليه السلام - وقد جاءت هي تبعا له في السياق . إنما يذكر صفتها المتعلقة بولدها : ( والتي أحصنت فرجها ) . أحصنته فصانته من كل مباشرة . والإحصان يطلق عادة على الزواج بالتبعية ، لأن الزواج يحصن من الوقوع في الفاحشة . أما هنا فيذكر في معناه الأصيل ، وهو الحفظ والصون أصلا من كل مباشرة شرعية أو غير شرعية . وذلك تنزيها لمريم عن كل ما رماها به اليهود مع يوسف النجار الذي كان معها في خدمة الهيكل . والذي تقول عنه الأناجيل المتداولة ، إنه كان قد تزوجها ولكنه لم يدخل بها ولم يقربها .

لقد أحصنت فرجها ( فنفخنا فيها من روحنا )والنفخ هنا شائع لا يحدد موضعه كما في سورة التحريم - وقد سبق الحديث عن هذا الأمر في تفسير سورة مريم - ومحافظة على أن نعيش في ظلال النص الذي بين أيدينا فإننا لا نفصل ولا نطول ، فنمضي مع النص إلى غايته :

( وجعلناها وابنها آية للعالمين ) . .

وهي آية غير مسبوقة ولا ملحوقة . آية فذة واحدة في تاريخ البشرية جميعا . ذلك أن المثل الواحد من هذا النوع يكفي لتتأمله البشرية في أجيالها جميعا ؛ وتدرك يد القدرة الطليقة التي تخلق النواميس ، ولكنها لا تحتبس داخل النواميس .